صفحة جزء
ص - واستدل لو كانت للترتيب - لتناقض " وادخلوا الباب سجدا [ وقولوا حطة ] " مع الأخرى .

[ ص: 267 ] ولم يصح " تقاتل زيد وعمرو " . ولكان جاء زيد وعمرو بعده ، [ تكريرا ، ] وقبله ، تناقضا . وأجيب بأنه مجاز لما سنذكر .


ش - قد استدل من طرف المحققين على أنها ليست للترتيب بوجوه : أحدها : أن الواو العاطفة لو كانت مقتضية للترتيب لتناقض قوله تعالى في البقرة : ( وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ) مع قوله تعالى في الأعراف : ( وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا ) والتالي باطل ، فالمقدم مثله .

بيان الملازمة أن القصة واحدة . فلو اقتضت الواو الترتيب ، لكان الأمر بدخول الباب مقدما على الأمر بالقول لما دلت عليه الآية الأولى ، ولم يكن مقدما لما دلت عليه الآية الثانية . فيلزم التناقض .

وأما بطلان اللازم ; فلأن التناقض كذب ، والكذب على الله تعالى محال .

[ ص: 268 ] الثاني : أنها لو كانت للترتيب لما صح قول القائل : " تقاتل زيد وعمرو " والتالي باطل ; لأن أهل اللغة أجمعوا على صحته ، فيلزم بطلان المقدم .

بيان الملازمة أن قولنا : " تقاتل " يقتضي الأخذ في الفعل معا ; لأنه من باب [ التفاعل ] وهو يقتضي حصول الفعل من الجانبين معا ، وهو ينافي الترتيب الذي هو مقتضى الواو حينئذ .

الثالث : أنها لو كانت للترتيب لكان قولنا : جاء زيد وعمرو بعده ، تكريرا ; لإفادة الواو البعدية . ولكان : جاء زيد وعمرو قبله ، تناقضا ; لأن الواو يفيد البعدية وهي تناقض القبلية . والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدم مثله .

أجاب المصنف عن الوجوه الثلاثة بمنع الملازمة ; فإنه يجوز أن يكون استعماله في الصور المذكورة بطريق المجاز وإن كانت حقيقة في الترتيب ، لما سنذكر من الدلالة على كونها حقيقة للترتيب . فلا يلزم شيء مما ذكرتم من المحالات . فإن قيل : الأصل في الاستعمال ، الحقيقة ، فيكون استعماله في هذه الصور أيضا بطريق الحقيقة .

أجيب بأنه استعمل في الترتيب أيضا كما سيذكر . والأصل في الاستعمال الحقيقة . فلو لم يكن استعماله في هذه الصور مجازا ، للزم الاشتراك . واللفظ إذا دار بين المجاز والاشتراك فالمجاز أقرب .

[ ص: 269 ] ولقائل أن يقول : إذا كانت الواو مستعملة في كل واحد من الترتيب والمعية ، فليس جعله حقيقة في الترتيب مجازا في المعية ، أولى من عكسه . فتعين المصير إلى أن تجعل حقيقة للقدر المشترك بينهما ، وهو الجمع المطلق . وحينئذ يصح الاستدلال بالوجوه الثلاثة على أنها ليست للترتيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية