صفحة جزء
ص - واعترض بإجرائه في الممكن . و [ بأن ] الاستدلال بصورة النفي على الوجود دور ; لأنه قد يكون ثبوتيا أو منقسما ، فلا يفيد ذلك .


ش - اعترض المصنف على الاستدلال المذكور بنقضين إجمالي وتفصيلي . أما الإجمالي فتوجيهه أن يقال : كل من الدليلين اللذين ذكرتم على أن الحسن موجود ، غير صحيح بجميع مقدماته; لأنه يمكن إجراؤه في الممكن على أن الإمكان موجود .

[ ص: 297 ] أما الدليل الأول [ فبأن ] يقال : الإمكان ثبوتي ; لأن نقيضه لا إمكان ، وهو سلب ، وإلا استلزم حصوله محلا موجودا ، فيمتنع حمله على المعدوم ، وليس كذلك .

وأما الثاني [ فبأن ] يقال : لا نسلم الإمكان ثبوتيا ; لأنه لو كان عدميا لم يكن وصفا ذاتيا للممكن .

فلو كان صحيحا بجميع مقدماته يلزم كون الإمكان ثبوتيا ، وهو باطل بالاتفاق .

وأما التفصيلي [ فبأن ] يقال : لا نسلم أن الحسن ثبوتي . قوله : لأن نقيضه - وهو لا حسن - سلب .

قلنا : هذا استدلال بمجرد صورة السلب - وهو قولنا : " لا حسن " - على وجود نقيضه ، وهو قولنا : حسن .

فما لم يثبت كون الحسن موجودا ، لم يلزم أن يكون نفيه - وهو لا حسن - معدوما .

فلو أثبتنا وجود الحسن ، يكون سلبه عدميا ، يلزم الدور . وإنما قلنا : ما لم يثبت كون الحسن موجودا ، لم يلزم كون الحسن عدميا ; لأن صورة النفي قد تكون ثبوتية ، كقولنا : لا معدوم ، فإن المعدوم الذي هو صورة النفي ، لا يكون إلا موجودا .

[ ص: 298 ] وقد يكون منقسما إلى الثبوتي والعدمي ، كالامتناع ، فإنه يصدق على الممكن الموجود ويصدق على المعدوم الممكن .

وإذا جاز أن يكون صورة النفي ثبوتية أو منقسمة إلى الثبوتي والعدمي ، فما لم يثبت كون نقيضه موجودا لم يلزم كونه عدميا ، فلا يفيد الاستدلال بمجرد صورة النفي كون الحسن موجودا .

أقول : النقض التفصيلي المذكور مختص بالأول من الدليلين المذكورين على أن الحسن موجود .

وأما النقض التفصيلي للدليل الثاني [ فهو أن ] يقال : لا نسلم أن الحسن لو كان عدميا لم يكن ذاتيا للفعل .

قوله : " لأن العدمي ليس من الصفات الذاتية للشيء " . قلنا : لا نسلم ; فإن كل أمر يكون مقتضيا لاتصافه بنقيض مباينه ; فإن الإنسان يكون مقتضيا لاتصافه بكونه لا فرسا .

التالي السابق


الخدمات العلمية