صفحة جزء
[ ص: 300 ] ص - وهو ضعيف [ فإنا ] نفرق بين الضرورية والاختيارية ضرورة . ويلزم عليه فعل الباري . وأن لا يوصف بحسن ولا قبح شرعا . والتحقيق أنه يترجح بالاختيار .


ش - ذكر المصنف أولا ضعف الاستدلال المذكور بثلاثة وجوه جدلية . ثم ذكر تحقيق الحق في مرجح الفعل .

الوجه الأول : أن ما ذكرتم استدلال على ما علم بطلانه بالضرورة ، فيكون تشكيكا في الضروريات ، والتشكيك في الضروريات لا يستحق الجواب .

وإنما قلنا : استدلال على ما علم بطلانه بالضرورة ; لأنا نجد التفرقة بين الأفعال الضرورية والاختيارية بضرورة العقل . فإن الأفعال الضرورية تصدر عن العبد ، وإن أبى عنه ، كحركة الإنسان إلى أسفل بالقسر . والاختيارية لا تصدر عنه إن أبى ، كحركته بالإرادة في السطوح المستوية . فالاستدلال على أن فعل العبد غير مختار ، استدلال على ما علم بطلانه بالضرورة .

الثاني أنه لو كان الدليل الذي ذكرتم على أن فعل العبد غير [ ص: 301 ] مختار ، صحيحا ، للزم أن يكون فعل الله تعالى غير مختار ; لأن الترديد المذكور يطرد فيه ، بأن يقال : فعله إما أن يكون لازما أو جائزا . والأول يكون ضروريا ، والثاني إن افتقر إلى مرجح عاد التقسيم فيه ، وإلا فهو اتفاقي . لكن فعل الله تعالى بالاختيار اتفاقا ، فلا يكون الدليل المذكور صحيحا .

الثالث : أن الدليل المذكور لو كان صحيحا ، لزم أن لا يوصف فعل العبد بحسن ولا قبح شرعا ; لأن فعل العبد غير مختار لما ذكرتم ، وغير المختار لا يتصف بالحسن والقبح شرعا بالإجماع .

اعلم أن كل واحد من الوجهين الأخيرين نقض إجمالي للاستدلال المذكور .

ثم قال المصنف : والتحقيق أن فعل العبد جائز صدوره عنه ولا صدوره ، نظرا إلى ذات الفعل ، وترجيح صدوره على لا صدوره باختيار العبد وعند تعلق اختياره بالفعل يكون لازما . واللزوم باختياره لا ينافي كون الفعل مختارا ; لأن لزوم صدور الفعل عن العبد بشرط تعلق الاختيار به ، لا ينافي كونه مقدورا عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية