صفحة جزء
ص - وأيضا لو حسن الفعل أو قبح لذاته أو صفته - لم يكن الباري مختارا في الحكم ; لأن الحكم بالمرجوح على خلاف المعقول ، فيلزم الآخر ، فلا اختيار .


ش - لما ذكر على إبطال كل واحد من المذهبين دليلا أراد أن يذكر دليلا متناولا لإبطال مذهبهم جميعا . فقال : لو حسن الفعل أو قبح لذاته ، أو لصفة له لازمة ، أو اعتبارية عارضة ، لم يكن الباري تعالى مختارا في الحكم . والتالي باطل بالإجماع ، فيلزم بطلان المقدم .

بيان الملازمة أن الفعل الحسن يكون حينئذ راجحا على القبيح في أن يكون متعلقا لحكم الوجوب ، والفعل القبيح يكون راجحا على الحسن في أن يكون متعلقا لحكم التحريم ، فحينئذ لا يخلو إما أن يكون الحكم متعلقا بما هو غير راجح بالنسبة إليه ، أو متعلقا بما هو راجح بالنسبة إليه .

والأول باطل ، وإلا يلزم ترجيح المرجوح ، وهو خلاف صريح الحكم ، فيلزم أن يكون متعلقا بما هو راجح بالنسبة إليه . وإذا كان تعلق الحكم بالراجح ضروريا لم يكن مختارا في حكمه .

[ ص: 304 ] فإن قيل : لا يلزم من كون تعلق الحكم بما هو راجح بالنسبة إليه ، أن لا يكون الحكم اختياريا ; فإن المختار الحكيم يختار ما يكون على وفق الحكمة .

أجيب بأن أفعال الله تعالى لا تعلل بالحكم والأغراض ، كما بين في الكلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية