صفحة جزء
ص - خطاب الوضع ، كالحكم على الوصف بالسببية ، الوقتية ، كالزوال .

[ ص: 405 ] والمعنوية ، كالإسكار والملك والضمان والعقوبات ، وبالمانعية للحكم لحكمة تقتضي نقيض الحكم ، كالأبوة في القصاص وللسبب لحكمة تحل بحكمة السبب ، كالدين في الزكاة .

فإن كان المستلزم عدمه - فهو شرط فيهما ، كالقدرة على التسليم ، والطهارة .


ش - لما فرغ من [ خطاب ] الاقتضاء والتخيير شرع في خطاب الوضع . وهو على أقسام : أحدها : الحكم على الوصف المعين بكونه سببا .

والسبب في اللغة : كل شيء يتوصل به إلى غيره . ومنه سمي الحبل : السبب .

وفي الشرع : هو الوصف الظاهر المنضبط الذي دل الدليل السمعي على كونه معرفا للحكم الشرعي لا مؤثرا فيه . فإن الأحكام قديمة ، والأوصاف التي جعلت أسبابا ، حادثة ، والحادث لا يؤثر في القديم .

وإنما اشترط في السبب كونه ظاهرا منضبطا ; لأن الأسباب إنما وضعت معرفات للأحكام لسهولة اطلاع المكلفين على أحكام الوقائع [ ص: 406 ] المتعين عليهم معرفتها ، خصوصا بعد انقطاع الوحي ، فيجب أن تكون تلك الأسباب ظاهرة منضبطة حتى يحصل الغرض المذكور .

والسبب ينقسم إلى وقتي ، وإلى معنوي . فالوقتي : هو ما لا يستلزم في تعريفه للحكم حكمة باعثة ، كدلوك الشمس ، فإنه يعرف وقت وجوب الظهر ، ولا يكون مستلزما لحكمة باعثة .

والمعنوي : هو ما يستلزم حكمة باعثة في تعريفه للحكم الشرعي ، كالإسكار جعل علة للتحريم . والملك فإنه جعل سببا لإباحة الانتفاع . والضمان فإنه جعل سببا لمطالبة الضامن بالدين . والعقوبات فإنه جعل سببا لوجوب القصاص أو الدية .

الثاني : الحكم على الوصف المعين [ بكونه ] مانعا ، إما للحكم ، هو الوصف الوجودي الظاهر المنضبط المستلزم لحكمة تقتضي نقيض حكم السبب مع بقاء حكمة السبب . كالأبوة في القصاص فإنها وصف وجودي منضبط ظاهر مانع لحكم القصاص مع القتل العمد العدوان لاشتمالها على حكمة تقتضي عدم القصاص . وتلك الحكمة : كون الأب سبب وجود الابن ، فلا يحسن أن يكون الابن سببا معدما له .

وإما لسبب الحكم ، وهذا المانع هو الوصف الوجودي المقتضي لاختلال حكمة السبب ، كالدين على من ملك نصابا كاملا . فإنه [ وصف ] وجودي مقتض لاختلال حكمة سبب وجوب الزكاة .

[ ص: 407 ] فإن سبب وجوب الزكاة تحقق النصاب وحكمته سد خلة الفقراء . وحكمة المانع للسبب تخل بحكمة السبب . الثالث : الحكم على الوصف بالشرطية . قد ذكرنا أن الوصف المانع للحكم هو المستلزم وجوده لحكمة تقتضي نقيض الحكم . والوصف المانع لسبب الحكم هو المستلزم وجوده لحكمة تقتضي اختلال حكمة السبب . فإن كان الوصف يستلزم عدمه حكمة تقتضي نقيض الحكم ، يسمى شرط الحكم . وإن كان الوصف يستلزم عدمه حكمة تقتضي اختلال حكمة سبب الحكم ، يسمى شرط السبب .

مثال شرط السبب : القدرة على التسليم ; فإن ثبوت الملك حكم ، وصحة البيع سببه ، وإباحة الانتفاع حكمة صحة البيع ، والقدرة على التسليم شرط صحة البيع ; لأن عدم القدرة على التسليم يستلزم عدم القدرة على الانتفاع الموجب لاختلال إباحة الانتفاع .

مثال شرط الحكم : الطهارة في باب الصلاة ; فإن حصول الثواب ودفع العقاب حكم ، والصلاة سببه ، وحكمة الصلاة التوجه إلى جناب الحق ، والطهارة شرط الصلاة ; فإن عدم الطهارة يستلزم ما يقتضي نقيض الحكم ، أعني عدم حصول الثواب وعدم دفع العقاب مع بقاء حكمة الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية