صفحة جزء
ص - ومنها : أجمعوا على تقديمه على القاطع : فدل على أنه قاطع ، وإلا تعارض الإجماعان ; [ لأن ] القاطع مقدم .

فإن قيل : يلزم أن يكون المحتج عليه عدد التواتر ; لتضمن الدليلين ذلك . قلنا : إن سلم - فلا يضر .


ش - الدليل الثاني على كون الإجماع حجة قطعية . تقريره أنا علمنا بالتواتر أن العلماء المحققين أجمعوا على تقديم الإجماع على النص القاطع . فدل ذلك على أن الإجماع دليل قطعي ; لأنه لو لم يكن دليلا قطعيا ، لزم تعارض الإجماعين . والتالي باطل ، فالمقدم مثله .

[ ص: 535 ] بيان الملازمة أنا علمنا أيضا أنهم أجمعوا على أن القاطع مقدم على غير القاطع . فهذا الإجماع يقتضي تقدم القاطع على غيره ، فلو لم يكن الإجماع دليلا قاطعا لكان الإجماع الأول الدال على تقدم الإجماع على النص مقتضيا لتقدم غير القاطع الذي هو الإجماع على القاطع . فيلزم تعارض الإجماعين ; لأن أحدهما يقتضي تقدم القاطع على غيره ، والآخر يقتضي عدم تقدمه .

وأما انتفاء التالي ; فلأن العادة تقضي بامتناع وقوع التعارض بين أقوال مثل هذا العدد من العلماء المحققين .

فإن قيل : كل واحد من الدليلين الدالين على كون الإجماع حجة قطعية ، يقتضي أن يكون الإجماع المحتج على كونه حجة ، ما بلغ المجمعون فيه عدد التواتر ، لتضمن كل واحد من الدليلين ذلك ، أي كون المجمعين عدد التواتر .

أما الأول; فلأن العادة إنما تحيل اجتماع العدد الكثير على القطع في شرعي من غير قاطع إذا كان عددهم عدد التواتر .

وأما الثاني; فلأن العادة إنما تقضي بامتناع التعارض [ بين ] أقوال مثل هذا العدد ، إذا بلغ عددهم عدد التواتر . وإذا كان كذلك ، فلا يكون اتفاق من نقص عددهم من عدد التواتر حجة . ولا اختصاص لكونه حجة باتفاق المجتهدين ، بل كل طائفة بلغ عددهم عدد التواتر ، اتفاقهم إجماع ، وإن لم يكونوا مجتهدين .

[ ص: 536 ] أجاب المصنف [ عنه ] بأنا لا نسلم استلزام الدليلين لذلك ; فإن العادة تحيل اجتماع المحققين بالقطع في شرعي من غير قاطع ، سواء بلغ عددهم التواتر أو لم يبلغ .

وكذا تحكم العادة بامتناع التعارض بين أقوال جمع من العلماء المحققين ، سواء بلغوا عدد التواتر أم لا .

ولئن سلمنا لزوم ذلك الدليلين [ ولكن ] لا يضر; لأن اللازم حينئذ كون القاطعين بتخطئة مخالف الإجماع والقاطعين على تقدم الإجماع على النص القاطع عددهم عدد التواتر لا [ كون ] أهل الإجماع ، فلا ينتهض نقضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية