صفحة جزء
ص - قالوا : إجماع الصحابة قبل مجيء التابعين وغيرهم . على أن ما لا قطع فيه سائغ فيه الاجتهاد . فلو اعتبر غيرهم خولف إجماعهم ، وتعارض الإجماعان .

وأجيب بأنه لازم في الصحابة قبل تحقق إجماعهم ، فوجب أن يكون ذلك مشروطا بعدم الإجماع .


ش - الظاهريون قالوا : لا يعتبر غير إجماع الصحابة .

وذلك لأن الصحابة قبل مجيء التابعين وغيرهم من الأئمة والمجتهدين قد أجمعوا على أن ما لا قطع فيه ، أي كل مسألة ليس فيها نص قاطع ، يجوز الاجتهاد فيها ، والأخذ بما أدى إليه اجتهاد المجتهد . فلو اعتبر إجماع غير الصحابة يلزم مخالفة إجماع الصحابة وتعارض الإجماعان . والتالي باطل بالإجماع فيلزم بطلان المقدم .

بيان الملازمة أنه إذا أجمع التابعون في مسألة اجتهادية لما جاز [ ص: 553 ] الاجتهاد فيها بعد إجماعهم ، فيلزم مخالفة إجماع الصحابة ; لأن إجماعهم على أن الاجتهاد في كل مسألة اجتهادية جائز ، ويلزم تعارض الإجماعين : أحدهما : إجماع الصحابة على جواز الاجتهاد فيها .

والآخر : إجماعهم على أنه لا يجوز الاجتهاد فيها .

أجاب المصنف أن الإلزام الذي ذكرتم على إجماع غير الصحابة ، لازم في إجماع الصحابة ; لأن الصحابة قبل إجماعهم على الحكم ، قد أجمعوا على جواز الاجتهاد فيه . وبعد إجماعهم على ذلك الحكم لا يجوز فيه الاجتهاد ، فيلزم مخالفة إجماعهم ، وتعارض الإجماعان .

وإذا كان كذلك فالطريق فيه أن نقول : إن إجماع الصحابة على جواز الاجتهاد فيما لا قاطع فيه ليس على الإطلاق وإلا يلزم الإلزام المذكور ، بل وجب أن يكون إجماعهم مشروطا بعدم الإجماع بعده على الحكم .

فمتى أجمعوا على ذلك الحكم زال شرط الإجماع الأول ، فيزول الإجماع الأول ، فلا يلزم التعارض بين الإجماعين ، ولا مخالف إجماع الصحابة .

[ ص: 554 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية