تعظيم قدر الصلاة للمروزي

المروزي - محمد بن نصر بن حجاج المروزي

صفحة جزء
345 - حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا أبو صالح ، كاتب الليث ، عن ابن لهيعة ، عن عطاء بن دينار الهذلي ، أن عبد الملك بن مروان ، كتب إلى سعيد بن جبير ، يسأله عن هذه المسائل ؟ ، فأجابه فيها : " سألت عن الإيمان ؟ ، قال : فالإيمان ، هو التصديق ، أن يصدق العبد بالله ، وملائكته ، وما أنزل من كتاب ، وما أرسل من رسول ، وباليوم الآخر ، وتسأل عن التصديق ؟ ! والتصديق : أن يعمل العبد بما صدق به من القرآن ، وما ضعف عن شيء منه ، وفرط فيه ، عرف أنه ذنب ، واستغفر الله ، وتاب منه ، ولم يصر عليه ، فذلك هو التصديق ، وتسأل عن الدين ؟ ! والدين : العبادة ، فإنك لن تجد رجلا من أهل دين ، يترك عبادة أهل دينه ، ثم لا يدخل في دين آخر ، إلا صار لا دين له ، وتسأل عن العبادة ؟ ! والعبادة : هي الطاعة ، وذلك أنه من أطاع الله فيما أمره به ، وفيما نهاه عنه ، فقد أتم عبادة الله ، ومن أطاع الشيطان في دينه وعمله ، فقد عبد الشيطان ، ألم تر أن الله قال للذين فرطوا : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان ) .

وإنما كانت عبادتهم الشيطان أنهم أطاعوه في دينهم ، فمنهم من أمرهم فاتخذوا أوثانا ، أو شمسا ، أو قمرا ، أو بشرا ، أو ملكا ، يسجدون له من دون الله ، ولم يظهر [ ص: 347 ] الشيطان لأحد منهم ، فيتعبد له ، أو يسجد له ، ولكنهم أطاعوه ، فاتخذوها آلهة من دون الله ، فلما جمعوا جميعا يوم القيامة في النار ، قال لهم الشيطان : ( إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) ، ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) ، فعبد عيسى ، والملائكة من دون الله ، فلم يجعلهم الله في النار ، فليس للشمس والقمر ذنب ، وذلك يصير إلى طاعة الشيطان ، فيجعلهم معهم ، فذلك قوله حين تقربوا منهم : ( تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) ، وقالت الملائكة حين سألهم الله : ( أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) ، قال : أفلا ترى إلى عبادتهم الجن ، إنما هي أنهم أطاعوه في عبادة غير الله ، فيصير العبادة إلى أنها طاعة " .

346 - حدثني الحسين بن عيسى البسطامي ، ثنا ابن حرب ، ثنا [ ص: 348 ] ابن لهيعة ، ثنا عطاء بن دينار الهذلي ، أن عبد الملك بن مروان ، كتب إلى سعيد بن جبير ، يسأله عن هذه المسائل ، فأجابه فيها : سألت عن الإيمان ، فذكر بمثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية