تعظيم قدر الصلاة للمروزي

المروزي - محمد بن نصر بن حجاج المروزي

صفحة جزء
590 - حدثنا محمد بن عبدة ، ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان : ( يمنون عليك أن أسلموا ) ، إنهم أعراب بني أسد بن خزيمة ، قالوا : يا رسول الله ، أتيناك بغير قتال ، وتركنا العشائر ، والأموال ، وكل قبيلة من الأعراب قاتلتك حتى دخلوا في الإسلام كرها ، فلنا عليك حق ، فأنزل الله : [ ص: 533 ] ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ) ، فله لذلك المن عليكم ( إن كنتم صادقين ) ، وفيهم أنزلت : ( ولا تبطلوا أعمالكم ) .

ويقال في الكبائر التي حتمت بنار : كل موجبة من ركبها ، ومات عليها لم يتب منها " .

* قال أبو عبد الله : وقال الله عز وجل : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) الآية .

وقال : ( إن الدين عند الله الإسلام ) ، فسمى إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة دينا قيما ، وسمى الدين إسلاما ، فمن لم يؤد الزكاة ، فقد ترك من الدين القيم الذي أخبر الله أنه عنده الدين ، وهو الإسلام بعضا .

وقد جامعتنا هذه الطائفة التي فرقت بين الإيمان والإسلام على أن الإيمان قول وعمل ، وأن الصلاة ، والزكاة من الإيمان ، وقد سماهما الله دينا ، وأخبر أن الدين عند الله الإسلام ، فقد سمى الله الإسلام بما سمى به الإيمان ، وسمى الإيمان بما سمى به الإسلام ، وبمثل ذلك جاءت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن زعم أن الإسلام هو الإقرار ، وأن العمل ليس منه ، فقد خالف الكتاب والسنة ، ولا فرق بينه وبين المرجئة ، إذ زعمت أن الإيمان إقرار [ ص: 534 ] بما عمل .

فقد بين الله في كتابه ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن الإسلام والإيمان لا يفترقان ، فمن صدق الله ، فقد آمن به ، ومن آمن بالله فقد خضع لله ، وقد أسلم لله ، ومن صام ، وصلى ، وقام بفرائض الله ، وانتهى عما نهى الله عنه ، فقد استكمل الإيمان والإسلام المفترض عليه ، ومن ترك من ذلك شيئا ، فلن يزول عنه اسم الإيمان ، ولا [ ص: 535 ] الإسلام إلا أنه أنقص من غيره في الإسلام والإيمان من غير نقصان من الإقرار بأن الله وما قال حق لا باطل ، وصدق لا كذب ، ولكن ينقص من الإيمان الذي هو تعظيم للقدر خضوع للهيبة ، والجلال ، والطاعة للمصدق به ، وهو الله عز وجل ، فمن ذلك يكون النقصان ، لا من إقرارهم بأن الله حق ، وما قاله صدق .

قالوا : ومما يدلك على تحقيق قولنا أن من فرق بين الإيمان والإسلام قد جامعنا أن من أتى الكبائر التي استوجب النار بركوبها لن يزول عنه اسم الإسلام ، وشر من الكبائر ، وأعظمهم ركوبا لها من أدخله الله النار ، فهم يروون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويثبتونه أن الله يقول : " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ، ومثقال برة ، ومثقال شعيرة " ، فقد أخبر الله تبارك وتعالى أن في قلوبهم إيمانا ، أخرجوا بها من النار ، وهم أشر أهل التوحيد الذين لا يزول في قولنا ، وفي قول من خالفنا عنهم اسم الإسلام ، ولا جائز أن يكون من في قلبه إيمان يستوجب به الخروج من الإيمان ، ودخول الجنة ، ليس بمؤمن بالله ، إذ لا جائز أن يفعل الإيمان الذي يثاب عليه بقلبه من ليس بمؤمن ، كما لا جائز أن يفعل الكفر بقلبه من ليس بكافر .

التالي السابق


الخدمات العلمية