صفحة جزء
51 - ( 315 ) : كذاك حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : ثنا عبد الله بن وهب ، قال : ثنا سليمان بن بلال ، قال : حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يحدثنا عن ليلة أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجد [ ص: 522 ] [ ص: 523 ] [ ص: 524 ] [ ص: 525 ] الكعبة ، أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه ، وهو قائم في المسجد الحرام ، فقال أولهم : هو هو ، فقال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال آخرهم : خذوا خيرهم فكانت (الليلة) فلم يرهم ، حتى جاؤوا ليلة أخرى ، فيما يرى قلبه [ ص: 526 ] والنبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عيناه ولا ينام قلبه ، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم جبريل - عليه السلام - ، فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته (حتى فرج من صدره وجوفه ، وغسله من ماء زمزم بيده) ، حتى ألقى جوفه ، ثم جاءه بطست من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا (به) جوفه وصدره ، ولغاديده ، ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا ، فضرب بابا من أبوابها ، فناداه أهل السماء من هذا ؟ قال : هذا جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد قالوا : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : فمرحبا وأهلا يستبشر به أهل السماء الدنيا ، لا يعلم أهل السماء ما يريد الله (به) في الأرض ، حتى يعلمهم .

فوجد في السماء الدنيا آدم ، فقال له جبريل عليه السلام : هذا أبوك ، فسلم عليه (فسلم عليه) ، فرد عليه ، وقال : مرحبا وأهلا بابني ، فنعم الابن أنت ، فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال : ما هذان النهران يا جبريل ؟ قال : هذا النيل والفرات عنصرهما قال : ثم مضى به في السماء ، فإذا هو بنهر آخر ، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فذهب يشم ترابه فإذا هو مسك ، قال : يا جبريل : ما هذا النهر ؟ قال : هذا الكوثر ، الذي خبأ لك ربك ، ثم عرج به إلى السماء الثانية ، [ ص: 527 ] فقالت الملائكة (له) مثل ما قالت له الأولى ، من هذا معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم - قالوا : وقد بعث (إليه) قال : نعم ، قالوا : مرحبا به وأهلا ، ثم عرج به إلى السماء الثالثة فقالوا له (مثل) ما قالت الأولى والثانية ، ثم عرج به إلى السماء الرابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء السادسة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، وكل سماء فيها أنبياء قد سماهم ، فوعيت منهم : إدريس في الثانية ، وهارون في الرابعة ، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السادسة ، وموسى في السابعة ، بفضل كلام الله ، فقال موسى : لم أظن أن يرفع على أحد ثم علا به فيما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء به سدرة المنتهى ، ودنا الجبار رب العرش ، فتدلى حتى كان معه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى (الله) إليه ما أوحى ، فأوحى إليه فيما أوحى : خمسين صلاة على أمته ، في كل يوم وليلة ، ثم هبط (به) حتى بلغ موسى ، فاحتبسه (موسى) ، فقال : يا محمد ماذا عهد إليك ربك ؟ قال : عهد إلي خمسين صلاة على أمتي كل يوم وليلة ، قال : إن أمتك لا تستطيع (ذلك) ، ارجع ، فليخفف عنك (ربك) وعنهم ، فالتفت إلى جبريل (عليه السلام) كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار إليه (جبريل) أن نعم ، إن شئت ، فعلا به جبريل ، حتى أتي إلى الجبار - وهو مكانه - فقال : يا رب خفف ، فإن أمتي لا تستطيع هذا ، فوضع عنه عشر صلوات ، فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه عند الخامسة ، فقال : [ ص: 528 ] يا محمد ، قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من هذه الخمس ، فضيعوه ، وتركوه وأمتك أضعف أجسادا وقلوبا ، وأبصارا ، وأسماعا ، فارجع فليخفف عنك ربك ، كل ذلك يلتفت إلى جبريل ليشير عليه ، فلا يكره ذلك جبريل ، فرفعه فرجعه عند الخامسة ، فقال : يا رب إن أمتي ضعفاء ضعاف أجسادهم وقلوبهم ، وأبصارهم وأسماعهم ، فخفف عنا فقال الجبار : يا محمد قال : لبيك وسعديك ، فقال : إنه لا يبدل القول لدى ، وهي خمس عليك ، فرجع إلى موسى فقال : كيف فعلت ؟ فقال خفف عنا ، أعطانا بكل حسنة عشرة أمثالها ، قال : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من هذه فتركوه ، فارجع فليخفف عنك أيضا قال : قد والله استحييت من ربي ، عز وجل ، مما أختلف إليه ، قال فاهبط باسم الله ، فاستيقظ وهو في المسجد الحرام " .


[ ص: 529 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية