صفحة جزء
2 - ( 330 ) : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا أبو اليمان ، قال : ثنا شعيب عن الزهري ، قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبرهما أن الناس قالوا : للنبي صلى الله عليه وسلم : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فذكر الحديث بطوله ، قال : (ويبقى رجل بين الجنة والنار ، وهو آخر أهل الجنة دخولا (الجنة) مقبل بوجهه على النار ، فيقول : يا رب : اصرف وجهي عن النار فإنه [ ص: 566 ] قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها ، فيقول الله - عز وجل : فهل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غير ذلك ، فيقول : لا وعزتك ، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق ، فيصر (الله) وجهه عن النار " .

فذكر الحديث وقال : (فيقول : أو لست أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي أعطيت ؟ ، فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، فيضحك الله عز وجل منه) . ثم ذكر باقي الحديث .

[ ص: 567 ] 3 - (000) : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .

4 - (000) : وثنا محمد قال : ثنا سليمان بن داود الهاشمي ، قال : ثنا إبراهيم - وهو - ابن سعد - عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد ، أن أبا هريرة ، أخبره .

قال محمد بن يحيى : وساق جميع الأحاديث بهذا الخبر غير أنهما ربما اختلفا في اللفظ والشيء ، والمعنى واحد .

[ ص: 568 ] قال أبو بكر : هذا الخبر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وأبي سعيد جميعا ، لأن في الخبر أن أبا سعيد قال لأبي هريرة : أشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ، قال الله : ذلك لك وعشرة أمثاله .

فهذه المقالة تثبت أن أبا سعيد قد حفظ هذا الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، إلا أنه حفظ هذه الزيادة : قوله : (ذلك لك وعشرة أمثاله) ، وأبو هريرة إنما حفظ (ذلك لك ومثله معه) ، وهذه اللفظة التي ذكرها أبو هريرة ومثله معه لا تضاد اللفظة التي ذكرها أبو سعيد ، وهذا من الجنس الذي ذكرته في كتابي - عودا وبدءا - أن العرب قد تذكر العدد للشيء ذي الأجزاء والشعب ، لا تريد نفيا لما زاد على ذلك العدد ، وهذا مفهوم في لغة العرب .

لو أن مقرا قال لآخر : " لك عندي درهم معه درهم ، ثم قال بعد هذه المقالة لك عندي درهم معه عشرة دراهم ، لم تكن الكلمة الثانية تكذيبا لنفسه ، للكلمة الأولى ، لأن من كان معه عشرة دراهم ، فمعه درهم من العشرة دراهم ، وزيادة تسعة دراهم على الدرهم ، وإنما يكون التكذيب : لو قال في الابتداء : (لك عندي درهم لا أكثر منه ، أو قال في الابتداء) ليس لك عندي أكثر من [ ص: 569 ] درهمين ، ثم قال : لك عندي عشرة دراهم ، كان بقوله الثاني مكذبا لنفسه في الكلمة الأولى ، لا شك ولا امتراء ومن كان له أربع نسوة (فقال مخاطب لمخاطبه لي امرأة معها أخرى ، ثم قال له أو لغيره لي أربع نسوة) لم تكن كلمته الآخرة تكذيبا منه نفسه للكلمة الأولى .

هذا باب يفهمه من يفهم العلم والفقه ، وإنما ذكرت هذا البيان لأن أهل الزيغ والبدع لا يزالون يطعنون في الأخبار لاختلاف ألفاظها .

قال أبو بكر : قد بينت معنى هاتين اللفظتين ، في موضع آخر ، علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الابتداء : إن الله عز وجل يقول له : (أترضى أن أعطيك مثل الدنيا ومثلها معها) ، ثم زاد بعد ذلك حتى بلغ أن قال : (لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها) .

التالي السابق


الخدمات العلمية