1. الرئيسية
  2. التوحيد لابن خزيمة
  3. باب ذكر البيان أن النار إنما تأخذ من أجساد الموحدين وتصيب منهم على قدر ذنوبهم وخطاياهم وحوباتهم
صفحة جزء
60 - ( 537 ) : حدثنا أبو موسى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة وأنا أقول أخرى قال : " من مات وهو يجعل لله ندا دخل النار ، قال : وأنا أقول : وهو لا يجعل لله ندا دخل الجنة " .

قال أبو بكر : قد كنت أمليت أكثر هذا الباب في كتاب " الإيمان " ، وبينت في ذلك الموضع معنى هذه الأخبار ، وأن معناها ليس كما يتوهمه المرجئة وبيقين يعلم كل عالم من أهل الإسلام : أن النبي - صلى الله عليه وسلم لم يرد بهذه الأخبار أن من قال لا إله إلا الله - أو زاد مع شهادة أن لا إله إلا الله شهادة أن محمدا رسول الله ولم يؤمن بأحد من الأنبياء ، غير محمد صلى الله عليه وسلم ولا آمن بشيء من كتاب الله ، ولا بجنة ولا نار ، ولا [ ص: 816 ] بعث ولا حساب أنه من أهل الجنة ، لا يعذب بالنار ، ولئن جاز للمرجئة الاحتجاج بهذه الأخبار ، (وإن كانت هذه الأخبار) ظاهرها خلاف أصلهم ، وخلاف كتاب الله وخلاف سنن النبي - صلى الله عليه وسلم ، جاز للجهمية الاحتجاج بأخبار رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم إذا تؤولت على ظاهرها ، استحق من يعلم أن الله ربه وأن محمدا نبيه الجنة ، وإن لم ينطق بذلك لسانه ، ولا يزال يسمع أهل الجهل والعناد ، ويحتجون بأخبار مختصرة ، غير متقصاة ، وبأخبار مجملة غير مفسرة ، لا يفهمون أصول العلم ، يستدلون بالمتقصى من الأخبار على مختصرها ، وبالمفسر منها على مجملها ، قد ثبتت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم بلفظة ، لو حملت على ظاهرها كما حملت المرجئة الأخبار التي ذكرناها في شهادة أن لا إله إلا الله (على ظاهرها لكان العالم بقلبه : أن لا إله إلا الله) مستحقا للجنة ، وإن لم يقر بذلك بلسانه ، ولا أقر بشيء مما أمر الله تعالى بالإقرار به ، ولا آمن بقلبه بشيء أمر الله بالإيمان به ولا عمل بجوارحه شيئا أمر الله به ، ولا انزجر عن شيء حرمه الله : من سفك دماء المسلمين ، وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم ، واستحلال حرمهم فاسمع الخبر الذي ذكرت أنه غير جائز أن يحمل على ظاهره ، كما حملت المرجئة الأخبار التي ذكرناها على ظاهرها .

[ ص: 817 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية