أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
تأويل قول الله تبارك وتعالى : ( وأرجلكم إلى الكعبين )

هل هو على الغسل أو على المسح ؟

قال الله - عز وجل - بعقب ما تلونا في صدر الباب الأول : ( وأرجلكم إلى الكعبين ) ، واختلف الناس في قراءة هذا الحرف وفيما ردوه إليه مما قبله ، فقراءة بعضهم : " وأرجلكم " بالكسر وردوه إلى قوله : ( وامسحوا برؤوسكم ) ، وذهبوا إلى أن اللازم في الرجلين هو المسح عليهما لاغسلهما ، فممن ذهب إلى هذا المعنى الحسن البصري ، والشعبي ، ومجاهد .

30 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن قرة ، عن الحسن ، أنه قرأ : " وأرجلكم " .

31 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم ، عن الشعبي ، قال : " نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل " .

32 - حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا حميد الأعرج ، عن مجاهد ، أنه قرأ : " وأرجلكم " .

ورووا في ذلك من الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما :

33 - حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، قال : حدثنا شريك بن عبد الله ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي - رضي الله عنه - ، أنه توضأ ومسح على ظهر القدمين ، وقال : " لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله لكان باطن القدم أحق من ظاهره " .

34 - حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن [ ص: 82 ] محمد بن إسحاق ، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ، عن عبيد الله الخولاني ، عن ابن عباس ، قال : دخل علي علي بن أبي طالب وقد أراق الماء ، فدعا بوضوء ، فجئناه بإناء من ماء ، فقال : يا ابن عباس ، " ألا أتوضأ لك كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ؟ قلت : بلى ، فداك أبي وأمي فذكر حديثا طويلا ، قال : ثم أخذ بيديه جميعا حفنة مما فضل بهما على قدمه ، وفي اليسرى مثل ذلك " .

35 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا الهمام بن يحيى ، قال : حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، قال : حدثنا علي بن يحيى بن خلاد ، عن أبيه ، عن عمه رفاعة بن رافع ، أنه كان جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، حين قال : " إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله - عز وجل - ، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين " .

واحتجوا في ذلك من النظر بالتيمم ، فقالوا : لما كان حكم الوجه واليدين في الوضوء للصلاة الغسل ، وحكم الرأس المسح بإجماع ، وكان التيمم على الوجه واليدين المغسولين ، وكان مرتفعا عن الرأس الممسوح ، كان حكم الرجلين بحكم الرأس أشبه ، إذ كان ما يفعل بهما في الوضوء قد سقط في التيمم كما سقط عن الرأس ما كان يفعل به فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية