أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
تأويل قوله تعالى : ( قد أفلح من تزكى )

قال الله - عز وجل - : ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) فذهب قوم من أهل العلم إلى أن المراد بذلك هو زكاة الفطر وصلاة الفطر . ورووا ذلك عن أبي العالية الرياحي :

472 - حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا أبو عمر الضرير ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، أن شيخا من بني سعد أخبرهم ، عن أبي العالية ، في قوله - عز وجل - : " ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) ، قال : " يبعث بصدقة الفطر ، ثم يخرج إلى الصلاة " .

وخالفهم في ذلك آخرون ، فذهبوا إلى أن التزكي المراد به في هذه الآية هو الإيمان كما قال جل وعز في الآية الأخرى : ( قد أفلح من زكاها ) يعني : النفس . ورووا ذلك عن أبي مالك الغفاري ، وعطاء بن أبي رباح .

473 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن السدي ، عن أبي مالك ، في قوله : " ( قد أفلح من تزكى ) ، قال : " آمن " .

474 - وحدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : أخبرنا شريك بن عبد الله ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء مثله .

وكان هذا التأويل الثاني أشبه بالآية ، وأولى بها من التأويل الأول ، لأن ذلك لو كان [ ص: 243 ] على صلاة العيد ، وعلى زكاة الفطر لما كانتا سنة ، ولكانتا فريضتين أو مندوبا إليهما بالكتاب ، ولا يقال لما جاء به الكتاب من فريضة أو ندبة إلى الخير : سنة ، إنما يقال ذلك لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لما فعله .

فلما وجدناهم لا يختلفون في صدقة الفطر ، وفي صلاة الفطر أنهما سنة كان ما أجمعوا عليه من ذلك ينفي أن يكون المراد بالآية صدقة الفطر أو صلاة العيد ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية