أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقال قائلون منهم : تجب الزكاة في عروض التجارة ، كان الذي هي له يديرها ، ولا يديرها أو كان يبيعها بالعروض خاصة وبما سواها من العيون ، أو كان الذي هي له مال عين سواها ، أو لم يكن له مال عين سواها . وممن قال بذلك منهم أبو حنيفة ، وسفيان ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي [ ص: 282 ] .

حدثنا محمد بن العباس ، عن علي بن معبد ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة بما ذكرناه عنه من ذلك وعن علي ، عن محمد ، عن أبي يوسف بما ذكرناه عنه من ذلك . وعن علي ، عن محمد بما ذكرناه عنه من ذلك .

وحدثنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا يحيى بن سليمان ، عن الحسن بن زياد ، عن زفر ، وأبي يوسف بما ذكرناه عنهما من ذلك .

وحكى لنا المزني ، عن الشافعي ما ذكرناه عنه من ذلك .

وقد روي في ذلك عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما :

562 - قد حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن أبي عمرو بن حماس ، " أن أباه حماسا كان يبيع الحصاب والأدم ، فمر بعمر بن الخطاب ، فقال : يا حماس ، أد زكاة مالك . فقال : مالي مال ، إنما أبيع الحصاب والأدم ، فقال : أقمه قيمته ثم أد زكاته " .

563 - وما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن عمرو بن الحارث ، والليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي عمرو بن حماس ، عن أبيه حماس ، أنه كان يبيع الجلود والقرون ، فإذا فرغ منها اشترى مثلها ، فلا يجتمع عنده أبدا ما تجب فيه الزكاة ، فمر به عمر بن الخطاب وعليه جلود يحملها للبيع ، فقال له : " زك مالك يا حماس ، فقال : ما عندي شيء تجب فيه الزكاة فقال : قوم ما عندك فأد زكاته " .

564 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا الحسن بن الربيع ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " ما كان من مال ، أو بر ، أو دقيق ، أو دواب للتجارة ففيه الزكاة كل عام " .

وكان القول الذي حكيناه عن أبي حنيفة ، وسفيان ، ومن تابعهم أولى القولين عندنا ، وهو موافق لما رويناه عن عمر ، وعن ابن عمر في ذلك [ ص: 283 ] .

ولا نعلم قائلا من الصحابة قال بالقول الذي حكيناه عن مالك في هذا الباب ، ولا نحفظه عن أحد من التابعين ، ولم نجد له أصلا على أنه لو كان له أصل كأصل القول الذي حكيناه عن أبي حنيفة ، وسفيان ، وقد قال به من الصحابة مثل من قال منهم مثل ما قاله أبو حنيفة ، وسفيان في ذلك ، لكان النظر يوجب ما ذهب إليه أبو حنيفة ، وسفيان في ذلك . وذلك إنا رأينا العروض التي للتجارات لا تخلو من أحد وجهين :

إما أن تكون من حكم الأموال العين التي تجب فيه الزكوات ، فتجب فيها الزكاة في كل عام كما تجب في الأموال العين .

أو تكون في حكم العقار والعروض التي لغير التجارة فلا تجب فيها الزكاة على حال ، فإذا باعها صاحبها استقبل بثمنها حولا كما يستقبل من العروض التي لغير التجارة إذا باعها .

فلما أجمعوا على أنه يزكي منها إذا باعها ، أو إذا باع بعضها وصار ثمن ما باع من ذلك عينا في يده دل ذلك على أنها من أموال الزكوات ، وإذا كانت من أموال الزكوات وجبت الزكاة فيها كل عام . وفي ترك عمر سؤال حماس : هل يدير أو لا يدير ، أو ينتفع بعروض أو بعين ، وأمره إياه بتقويم ماله ، وأداء الزكاة عنه دليل على استواء أحكام ذلك عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية