أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
واختلفوا في الرجل يكون له المال العين الذي تجب في مقداره الزكاة ، ويكون عليه من الدين مثله ، أو مثل بعضه .

فقال قائلون : لا زكاة عليه ، إلا أن يكون يفضل في يده من المال العين مقدار ما تجب فيه الزكاة ، فيؤدي زكاته ، وممن قال ذلك منهم : أبو حنيفة ، وسفيان ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن .

وقال آخرون : عليه فيه الزكاة ، ولا يسقط ما عليه من الدين الزكاة عنه فيما في يده من العين . وقد روي هذا القول ، عن الشافعي ، وقد روي عن عثمان في هذا الباب .

565 - ما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، سمع السائب بن يزيد ، قال : قال عثمان : " هذا شهر زكاتكم ، فمن كان عليه دين فليقضه وزكوا بقية أموالكم " .

566 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، ويونس بن يزيد ، عن [ ص: 284 ] ابن شهاب ، أنه قال : أخبرني السائب بن يزيد ، أنه سمع عثمان بن عفان ، خطيبا في الزكاة ، يقول : " إن هذا شهر زكاتكم ، فمن كان منكم عليه دين فليقض دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة " .

567 - حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال أخبرنا معمر ، عن ابن شهاب ، عن السائب بن يزيد ، قال : سمعت عثمان بن عفان ، يخطب الناس ، ويقول : " هذا شهر زكاتكم ، فمن كان عليه دين فليؤده ، ثم لتؤدوا زكاة ما بقي " .

قال أبو جعفر رحمه الله : فهذا عثمان قد أمرهم بإخراج ما عليهم من الديون من أموالهم ، وزكاة الباقي منها بعد ذلك في شهر زكاتهم ، ولو كانت الزكاة قد وجبت عليهم في جميع ما كان في أيديهم ، إذا ما أزال عنهم إخراج ذلك من أيديهم لقضاء ديونهم ، ما كان فيه من الزكاة .

ألا ترى أن من وجبت عليه في ماله زكاة ، ثم إنه أخرج بعضه أو كله في قضاء دين ، وجب عليه بعد الحول ، أن ذلك لا يزيل عنه وجوب الزكاة فيما مضى من دينه . وكذلك لو ابتاع به عرضا لغير تجارة ، أو يوهبه ، أو تصدق به على رجل غني ، أن ذلك غير مزيل عنه ما قد وجب عليه فيه قبل إخراجه إياه .

فلما كان عثمان قد رأى أن لا زكاة فيما خرج لقضاء الديون ، دل ذلك على أن مذهبه كان ألا زكاة في مقدار الدين من المال إذ كان لا حكم لإخراج المال عن يد صاحبه بعد الحول تزول به عنه الزكاة .

ووجه قول عثمان - رضي الله عنه - : " إن هذا شهر زكاتكم " ، أي : أن هذا الشهر الذي وجبت فيه زكاتكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية