أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وفرقة منهم تقول : ما زاد على العشرين والمائة استؤنفت به الفريضة ، فجعل في خمس وعشرين ومائة حقتان وشاة إلى ثلاثين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وشاتان إلى خمس وثلاثين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وثلاث شياه إلى أربعين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وأربع شياه إلى خمس وأربعين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها حقتان وابنة مخاض إلى خمسين ومائة ، فإذا كانت كذلك ففيها ثلاث حقاق ، ثم كذلك ما زاد على الخمسين والمائة تستقبل فيها الفريضة كهي في بدء زكوات الإبل حتى تنتهي الزيادة إلى مائتين ، فإذا كانت كذلك ففيها أربع حقاق كما كان فيها لما كانت مائة وستا وتسعين ، ثم كذلك يمتثلون في كل خمسين زائدة على ما قبلها من الإبل الزائدة على عشرين ومائة وممن قال بهذا القول أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، فيما حدثناه سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف من قولهما ، وعن أبيه ، عن محمد من قوله .

وقد روى في ذلك ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما :

617 - حدثنا سليمان ، قال : حدثنا الخصيب ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : " قلت لقيس بن سعد : اكتب لي كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، فكتبه لي في ورقة ، ثم جاء بها وأخبرني أنه أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وأخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبه لجده عمرو بن حزم في ذكر ما يخرج من فرائض الإبل ، فكان في ذلك أنها إذا بلغت تسعين ، ففيها حقتان إلى أن تبلغ عشرين ومائة ، فإذا كانت أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة ، فما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل ، فما كان أقل من خمس وعشرين ففيه الغنم في كل خمس ذود شاة " [ ص: 304 ] .

618 - حدثنا بكار ، قال : حدثنا أبو عمر ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، ثم ذكر بإسناده مثله .

وقد روى في ذلك عن علي ، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ما ، ما يوافق هذا القول .

619 - حدثنا يحيى ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان عن أبي إسحاق ، عن عاصم ، عن علي - رضي الله عنه - ، قال : " إذا بلغت عشرين ومائة يعني الإبل ، استأنفت الفرائض " .

620 - حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثني عبد السلام بن حرب ، عن خصيف ، عن أبي عبيدة ، وزيادة بن أبي مريم ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ، أنه قال في فرائض الإبل : " إذا زادت على تسعين ففيها حقتان إلى عشرين ومائة ، فإذا بلغت العشرين والمائة استقبلت بالغنم ففي كل خمس شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففرائض الإبل ، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة " .

قال أحمد رحمه الله : وأما القياس في ذلك فإن الأصل المتفق عليه فيما قبل العشرين والمائة أنه لا استئناف فيه ، وإنما يزاد في عدده أو يغلط في أسنانه ، فكان القياس إلى هاهنا أن يكون ما بعد العشرين والمائة كذلك أيضا ، وأن يكون الواجب فيه زائدا في العدد وارتفاع في أسنان غير أنا وجدنا القائلين بالقول الأول الذي حكيناه عن مالك ، والشافعي ، يقولون : إذا زادت على العشرين والمائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون ، وكان ذلك منهم يزكي عندنا لما كانوا عليه قبل الواحد والعشرين والمائة ، وذلك أنا رأيناهم يجعلون في كل خمس شاة ، ثم كذلك حتى تكون عشرا ، فيجعلون فيها شاتين ، ثم كذلك في كل خمس شاة حتى تكون خمسا وعشرين فيجعلون فيها ابنة مخاض ، وكذلك في مراتب فرائض الصدقات في الإبل حتى يلفوا بها عشرين ومائة ، وكان ما زاد على كل فريضة فلا يكون مغيرا للفرض فيما قبله حتى تكون الزيادة فيها فريضة فتكون تلك الفريضة مغيرة للفرض فيما قبلها ، وكانت الواحدة الزائدة على العشرين ومائة لا فرض فيها عند جميعهم .

أما الذين قالوا بالاستئناف فلم يجعلوا فيها شيئا لتقصيرها عن الخمس التي تجب فيها الشاة عندهم [ ص: 305 ] .

وأما الذين قالوا : في كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، فجعلوا فيها كلها ثلاث بنات لبون على أن في كل أربعين منها ابنة لبون ، فكان في ذلك نفي منهم للواحدة الزائدة على العشرين ومائة أن فيها فريضة ، فلما كان ذلك كذلك ووجب بما ذكرنا على أهل هذا القول الخروج من أصولهم ، والترك للمراتب التي رتبت عليها الزكوات في الإبل فيما قبل العشرين ومائة ، وكان الذين قالوا بالاستئناف لما لم يجعلوا في الواحدة شيئا ، لم يغيروا بها حكم ما قبلها ، كانوا يلزمون المراتب التي رتبت عليها الزكوات في هذا الباب أولى ، وكان قولهم في هذا أحسن من قول الذين جعلوا في كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة على ما يجعلها عليه مالك ، والشافعي رحمهما الله .

والقول الذي ذكرناه في حديث عمرو بن حزم أولى بالقياس مما قال مالك ، والشافعي ؛ لأن أهل هذه المقالة لما انتهوا إلى العشرين والمائة جعلوا فيما زاد على ذلك في كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، فإذا كان العدد يتفق أربعين أربعين ، أو خمسين خمسين ، أو أربعين وخمسين على ذلك ما بلغ ، ولم يغيروا بما دون ذلك حكم ما قبله ، كما فعل من جعل في إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون ، فغير بالواحدة حكم ما قبلها ، ولا حكم له في نفسها .

وأما ما ذهب إليه أبو حنيفة ومن قال بقوله في هذا الباب ، فهو أجود وأولى بالقياس مما ذهب إليه من قال بالقول الأول الذي حكيناه عن مالك ، والشافعي - رضي الله عنه - ما ، بما قد ذكرناه مما يدخل على قائليه ، وأولى من قول من قال بحديث عمرو بن حزم ، وذلك أنا رأينا ابتداء فرائض الإبل ، أن في خمس شاة ، ثم ليس يتغير ذلك حتى تكون الزيادة مثل الخمس الأولى فتكون عشرا ، فتجب فيه شاتان ، ثم الزيادة أيضا كالزيادة الأولى في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسا وعشرين فتكون فيها ابنة مخاض ، فإذا بلغت ذلك لم يتغير حكم ابنة المخاض حتى تكون الزيادة أكثر من الزيادة الأولى ، فتكون الزيادة هاهنا عشرا ، فإذا صارت ستا وثلاثين كانت فيها ابنة لبون ، ثم لم يتغير حكمها ، حتى تكون الزيادة عشرا ، فإذا جاوزت خمسا وأربعين كانت فيها حقة ، ثم لم يتغير حكمها حتى تكون الزيادة خمس عشرة ، ثم كذلك حتى تكون إحدى وتسعين ، فتكون فيها حقتان ، ثم لا يتغير حكمها حتى تكون الزيادة تسع عشرة ، فرأينا كل زيادة بين كل فريضتين من فرائض الإبل ، فالزيادة التي تكون بعدها أو أكثر منها ، ولم نجد فيها شيئا أقل من الزيادة التي قبلها ، فإذا كانت الزيادة مثل الزيادة الأولى أو أكثر منها جمعت إلى ما تقدمتها من الإبل ، كذلك حكمه حكم واحد [ ص: 306 ] .

ورأينا الذين قالوا بحديث عمرو بن حزم جعلوا في عشرين ومائة حقتين بعد الزيادة التي هي سبع عشرة ، ثم جعلوا في ثلاثين ومائة بنتي لبون وحقة ، فجمعوها مع ما تقدمها قبل أن تكون الزيادة على العشرين والمائة مثل الزيادة التي بين التسعين والعشرين والمائة ، وكان من قال بقول أبي حنيفة لم يجمعها إليها حتى تكون خمسين ومائة ، فتكون الزيادة على العشرين ومائة مثل الزيادة على التسعين إلى العشرين والمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية