أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقد اختلف أهل العلم في الفقراء من بني هاشم ، هل يدخلون في الفقراء المذكورين في هذه الآية ، أو في المساكين ، أو فيمن سواهم من أهل الأصناف المذكورين فيها ؟ وقالت طائفة منهم : يدخلون فيها ، وجعلوهم كمن سواهم من فقراء المسلمين . وقد روي هذا عن أبي حنيفة وليس بالمشهور عنه .

وقالت طائفة منهم : لا يدخل في ذلك بنو هاشم وإن كانوا فقراء ، وممن قال ذلك منهم أبو يوسف ، ومحمد .

حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن أبي يوسف ، وعن محمد ، وعن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة بهذا القول وكان من حجة من ذهب إلى إباحة الصدقة ، وإلى إدخالهم في هذه الآية كمن سواهم من الناس ما :

784 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، قال : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قدمت عير المدينة ، فاشترى منها النبي - صلى الله عليه وسلم - متاعا فباعه بربح أواق فضة ، فتصدق بها على أرامل بني عبد المطلب ، ثم قال : " لا أعود أن أشتري بعدها شيئا وليس ثمنه عندي " .

وكان من الحجة عليهم للآخرين أن هذا الحديث إنما هو عن ابن عباس ، والمشهور عنه في ذلك التحريم للصدقات على بني هاشم .

785 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا حماد ، وسعيد ابنا زيد ، عن أبي جهضم موسى بن سلمة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس ، قال : دخلنا على ابن عباس ، فقال : " ما خصنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء دون الناس إلا بثلاثة : إسباغ الوضوء ، وأن لا نأكل الصدقة ، وأن لا ننزي الحمر على الخيل " .

786 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أبي جهضم ، فذكر بإسناده مثله [ ص: 377 ] .

فهذا ابن عباس قد أخبر في هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختصهم ألا يأكلوا الصدقة ، وجعلهم في ذلك خلاف غيرهم من سائر الناس ، وكان هذا الحديث أولى من حديث عكرمة الذي رويناه في هذا الباب عن ابن عباس لأنه أخبر فيه بحكمهم الذي هم عليه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد يجوز أن يكونوا كانوا من قبل ذلك على إباحة الصدقات لهم حتى حظرها الله - عز وجل - عليهم ، ومنعهم منها ، وجعلهم في ذلك في المرتبة العليا بتحريمه إياها عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية