أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
قد روي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من تحريم الصدقة عليهم ما يوافق ما رواه عبد الله بن عباس ، ويخالف ما رواه عنه عكرمة ، فمن ذلك .

787 - أن إبراهيم بن مرزوق حدثنا ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن يزيد بن أبي مريم ، عن أبي الجوزاء السعدي ، قال : قلت للحسن بن علي : ما تحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

قال : أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في في ، فأخرجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلعابها ، فألقاها في التمر ، فقال رجل : يا رسول الله ، ما كان عليك في هذه التمرة لهذا الصبي ، فقال : " إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة " .


788 - حدثنا أبو بكرة ، وإبراهيم بن مرزوق ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، عن ثابت بن عمارة ، عن ربيعة بن شيبان وهو أبو الجوزاء ، قال : قلت للحسن بن علي ، ثم ذكر مثله ، إلا أنه قال : " إنها لا تحل لمحمد ولا لأحد من أهله .

789 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، قال : حدثنا جويرية بن أسماء ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، حدثه ، قال : اجتمع ربيعة بن الحارث ، والعباس بن عبد المطلب ، فقالوا : بعثنا هذين الغلامين لي وللفضل بن عباس على الصدقة ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا ما يصيب الناس .

قال : فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما ، فذكرا له ذلك ، فقال علي : لا تفعلا ، فوالله ما هو بفاعل ، فقال ربيعة : ما منعك هذا إلا نفاسة علينا ، فوالله لقد نلت صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما نفسناه عليك ، قال علي : أنا أبو [ ص: 378 ] حسين أرسلاهما ، فانطلقا ، واضطجع ، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر سبقناه إلى الحجر ، فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ، فقال : " أخرجا ما تصرران " ، ثم دخل ودخلنا عليه ، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش ، فتواكلنا الكلام ، ثم تكلم أحدنا ، فقال : يا رسول الله ، أنت أبر الناس وأوصل الناس ، وقد بلغنا النكاح ، وقد جئناك لتؤمرنا على بعض الصدقات ، فنؤدي كما يؤدون ، ونصيب كما يصيبون .

فسكت حتى أردنا أن نكلمه ، وجعلت زينب تلمع إلينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه ، فقال : " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد صلى الله عليه وسلم ، إنما هي أوساخ الناس " ، ادع لي محمية ، وكان على الخمس ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فجاءاه ، فقال لمحمية : " أنكح هذا الغلام من ابنتك للفضل بن العباس " ، فأنكحه وقال لنوفل : " أنكح هذا الغلام " ، فأنكحني ، وقال لمحمية: " أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا " .


790 - حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال حدثنا سعيد بن داود بن أبي زبير ، قال : حدثنا مالك ، عن شهاب حدثه ، أن عبد الله بن ربيعة حدثه ، ثم ذكر مثل حديث ابن أبي داود سواء .

791 - حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد .

وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فأدخلها في فيه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " كخ كخ ، ألقها ألقها ، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة " .

792 - حدثنا أبو بكرة ، وإبراهيم بن مرزوق جميعا ، قالا : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول في الإبل السائمة : " في كل أربعين ابنة لبون ، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ، [ ص: 379 ] ومن منعها فإنا آخذوها منه ، وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا ، لا يحل لأحد منا منها شيء " .

793 - حدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة ، قال : حدثنا علي بن عبد الحكيم الأزدي ، وحدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : حدثنا شريك ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، قال : دخلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت الصدقة ، فتناول الحسن تمرة ، فأخرجها من فيه ، فقال : " إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ، ولا نأكل الصدقة " كذا لفظ علي بن عبد الرحمن .

وأما لفظ فهد ، فإنه قال : " إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة " بلا شك منه فيه .

فهذه الآثار قد رويت متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريم الصدقة عليهم ، مع ما روي عنه من قوله صلى الله عليه وسلم في آثار سواها " إنا آل محمد لا نأكل الصدقة " .

فاكتفينا بالآثار الأول كراهية أن يتأول متأول أن يزكيهم أكل الصدقة تنزها لا تحريما ، وهي أولى من حديث ابن عباس في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أرامل بني عبد المطلب الذي رويناه في هذا الباب ، مع أنه قد يحتمل أن يكون أراد بأرامل بني عبد المطلب من نسائهم اللائي لا يرجعن بأنسابهم إلى عبد المطلب ، من الزوجات العربيات ، ومن أمهات الأولاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية