أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقد اختلف أهل العلم في حكم بني المطلب هل هم في حرمة الصدقة كحكم بني هاشم في حرمتها عليهم أم لا ؟ فكان أبو يوسف ومحمد يذهبان إلى أن بني المطلب غير داخلين في تحريم الصدقة ، ويذهبان إلى أنهم كغيرهم من سائر بطون قريش سوى بني هاشم في حل الصدقة لهم .

وكان الشافعي يذهب إلى تحريم الصدقة عليهم ويجعلهم في ذلك كبني هاشم ، وكان مما يحتج به في ذلك ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قسم بينهم ذوي القربى ، فأدخل فيه بني المطلب مع بني هاشم ، وجعلهم فيه كهم ، ولم يدخل معهم فيه سواهم من سائر بطون قريش ، فمما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما :

798 - حدثنا علي بن شيبة ، ومحمد بن بحر بن مطر البغداديان ، قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن جبير بن مطعم ، قال : لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى ، أعطى بني هاشم وبني المطلب ، ولم يعط بني أميه ، ولا بني نوفل شيئا ، فأتيت أنا وعثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : يا رسول الله ، هؤلاء بنو هاشم فضلهم الله - عز وجل - بك ، فما بالنا وبنو المطلب ، وإنما نحن وهم في النسب شيء واحد ؟ فقال : " إن بني المطلب لم يفارقوني في جاهلية ولا في إسلام " .

قال : أفلا ترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جعلهم في سهم ذوي القربى كبني هاشم ، لا كمن سواهم من سائر بطون قريش .

فكان من حجة الآخرين عليهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعط بني المطلب من سهم ذوي القربى ، لأنهم قرابة له كقرابة بني هاشم ، ولكنه إنما أعطاهم للعلة التي اعتل بها على عثمان بن عفان ، وعلى جبير بن مطعم .

وفي تركه - صلى الله عليه وسلم - التكثير عليهما في قولهما له : هؤلاء بنو هاشم فضلهم الله بك ، فما بالنا وبنو المطلب ، وإنما نحن وهم في النسب شيء واحد ، دليل على أنه لم يعط بني المطلب من جهة النسب ، إذ كان قد حرم من هو في النسب كهم ، ولكنه أعطاهم للجهة الأخرى .

وقد رأينا من سوى بني المطلب ممن قد ولده هاشم ممن كان مفارقا لرسول الله في الجاهلية والإسلام وهو أبو لهب ، وما ولد في زمان النبي صلى الله [ ص: 382 ] عليه وسلم ، قد دخل مسلمو ولده في حرمة الصدقة ، لأنهم من بني هاشم ، وليسوا ممن كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية والإسلام . فدل ذلك على أن تحريم الصدقة لم يدخل فيه من كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية من غير بني هاشم ، وأنه إنما هو على بني هاشم خاصة ممن كان معه في الجاهلية أو لم يكن ، ولما كان بنو أبي لهب يدخلون منه في النسب من هاشم ، كان كذلك بنو المطلب يخرجون منه بخروجهم من النسب من هاشم .

التالي السابق


الخدمات العلمية