أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
فكان من الحجة عليهم للآخرين أن العشور التي رفعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المسلمين ليست ، ولكنه المكس الذي كان أهل الجاهلية يفعلونه ، وهو المذكور في حديث عقبة بن عامر الذي :

813 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن شماسة ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة صاحب مكس " ، يعني : عاشرا .

فهذا هو العشر المرفوع عن هذه الأمة ، لا ما سواه .

وقد روي من حديث حرب بن عبيد الله من جهة الثوري ، وحماد بن سلمة ما يدل على هذا المعنى .

814 - حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن حرب بن عبد الله الثقفي ، عن خال له من بكر بن وائل ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألته عن الإبل والغنم أعشرها ؟ قال : " إنما العشور على اليهود والنصارى ، وليس على المسلمين " .

815 - حدثنا سليمان ، قال : حدثنا الخصيب ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن حرب بن عبد الله ، عن رجل من أخواله : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمله على الصدقة ، وعلمه الإسلام ، وأخبره بما يأخذ ، فقال : يا رسول الله ، كل الإسلام علمته إلا الصدقة ، فأعشر المسلمين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما يعشر اليهود والنصارى " [ ص: 389 ] .

فدل ذلك على أن العشر المراد في الحديث الأول هو خلاف الزكاة ، فقد كان يحيى بن آدم يذهب إلى تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما العشور على اليهود والنصارى " ، إنما هي جزية عليهم لا يؤخرون فيها ، والمأخوذ من المسلمين من الزكاة طهارة لهم يؤجرون عليها ، وكان المرفوع عن المسلمين عنده هو ما كان يؤخذ من الناس ما لا يؤجرون عليه ، وهو خلاف الزكوات ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية