أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيما اختلفوا فيه منه ، فوجدنا الذي كان يحتج به متقدمو أصحابنا لقولهم من إباحة التفريق ، وأن لا فضل للمتتابع في ذلك على المتفرق منه أنهم وجدوا من أفطر من شهر رمضان يوما ، وصام بقية الشهر : أن عليه قضاء يوم مكان ذلك اليوم الذي أفطره ، وأنه لا يجب عليه أن يعيد صوم بقية الشهر موصولا باليوم الذي يقضيه منه ، ليكون قد قضى الشهر متتابعا كما كان يصومه في عين الشهر متتابعا .

قال : فدل ذلك على أنه إنما يكون صوم رمضان عليه متتابعا لموافقة عين الشهر ، فإذا زالت عين الشهر وجب حكم التتابع ، ووجب القضاء بقدر عدة أيامه .

قالوا : ولو كان وجب قضاؤه متتابعا لوجب على من أفطر شهرين متتابعين من كفارة قتل الخطأ ، أو كفارة ظهار ، أو من كفارة إفطار من جماع في يوم شهر رمضان متعمدا ، إذا أفطر منه يوما أن يستأنف الصوم حتى يأتي به كله متتابعا .

فكان في حجتهم هذه كفاية عندنا على جميع المخالفين لهم فيما ذكرناه عنهم ، إذ لا نعلم لهم مخالفا فيما ذكروه من وجوب قضاء يوم على الذي أفطر يوما من قضاء شهر رمضان ، لا قضاء غيره من ذلك الشهر ، حتى وجدنا شيئا يروى عن سعيد بن المسيب في ذلك ، وهو أن يزيد بن سنان :

841 - حدثنا ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثنا أبي ، عن قتادة ، عن سعيد ، أنه قال في الذي يفطر يوما من رمضان متعمدا قال : " عليه صوم شهر " .

واحتمل هذا عندنا من قول سعيد أن يكون أراد به صوم شهر مكان شهر رمضان الذي لم يأت به متتابعا ، حتى يكون قد قضاه متتابعا ، أو يكون قد أراد بصوم شهر كفارة [ ص: 402 ] لانتهاك الحرمة التي انتهكها ، فنظرنا في ذلك فوجدنا .

842 - يزيد بن سنان قد حدثنا ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثنا أبي ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه كان يقول في الذي عليه قضاء شهر رمضان : " يقضيه متفرقا إن شاء " .

فدل ذلك أن مراد سعيد الذي ذكرناه عنه في هذا الحديث الأول أنه ليكون كفارة عما انتهك من الحرمة ، لا لما سوى ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية