أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
ولما ثبت ألا تصام هذه الأيام عن قضاء رمضان ، كما لا يصام يوم النحر ، ولا يوم الفطر ، ثبت أن لا تصام عن كفارة يمين ، ولا عن كفارة ظهار ، ولا عن كفارة قتل خطأ ، ولا عن كفارة إفطار في رمضان ، ولا عما سوى ذلك مما يجب فيه الصوم تطوعا وهكذا كان أبو حنيفة ، ومالك ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي يقولون في هذا غير أن مالكا كان يقول في المتمتع : إذا لم يجد الهدي ، ولم يصم في العشر ، أنه يصوم أيام التشريق . وقد روي هذا القول عن عائشة ، وابن عمر .

882 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبو كامل الفضيل بن الحسن الجحدري ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عبد الله بن عيسى ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، وعن سالم ، عن ابن عمر ، قالا : " لم يرخص في صوم أيام التشريق من الأيام التي تصام عما سوى التمتع ، وسوى الإحصار في قول من يوجب الصوم في الإحصار " .

وفيه النهي عن صيامهما لما سوى هذين الوجهين ، غير أنا لم نجد أحدا ممن روى هذا الحديث عن الزهري ساقه بهذا اللفظ غير عبد الله بن عيسى ، فأما من سواه من أصحاب الزهري ، مالك ، وإبراهيم بن سعد فرووه بلفظ سوى هذا اللفظ .

883 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها كانت تقول : " الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد هديا ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة ، فمن لم يصم صام أيام منى " [ ص: 411 ] .

884 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، بمثل ذلك .

885 - حدثنا محمد بن النعمان ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، وعن سالم ، عن أبيه : " أنهما كانا يرخصان للمتمتع إذا لم يجد هديا ، ولم يكن صام قبل عرفة ، أن يصوم أيام التشريق " .

وأصل الحديث في هذا كما رواه مالك ، وإبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب لا كما رواه عبد الله بن عيسى ، لأن عائشة كانت تصوم أيام التشريق تطوعا ، وكان عروة يصومها أيضا كذلك .

886 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، قال : أخبرني أبي ، قال : " كانت عائشة رضي الله عنها تصوم أيام منى ، وكان أبي يصومها " فاستحال بذلك أن تكون عائشة قد ثبت عندها ما رواه عبد الله بن عيسى في حديث أبي عوانة ، الذي ذكرنا من النهي عن صيام أيام التشريق عن غير التمتع ، وعن غير الإحصار ، ثم تصومها هي تطوعا .

واستحال بذلك أن يكون عروة قد سمع ذلك من عائشة ، ثم يصوم هو أيام التشريق تطوعا ، وصومها إياها تطوعا على ما في حديث هشام هذا ، إنما هو عندنا والله أعلم ، على أنه لم يتصل بها نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيامها .

وفي صيام أيام التشريق عن التمتع ، وعن الإحصار كلام كثير ليس هذا موضعه ، وسنأتي به في موضعه من كتاب المناسك من كتاب أحكام القرآن .

التالي السابق


الخدمات العلمية