أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
قال أحمد : أفلا ترون أن الصوم الذي كان كتب عليهم لم يكن لهم أن يبدلوه بطعام ، ولا بما سواه . فدل ذلك على أن الذي كتب علينا من ذلك على مثل الذي كان كتب عليهم منه فإن أفطرت حبلى ، أو مرضع في موضع الرخصة لهما في الإفطار ، ثم أطاقتا الصوم بعد ذلك ، فإن أهل العلم اختلفوا في ذلك ، فقالت طائفة منهم : عليهما الإطعام المذكور في الآية ولا قضاء عليهما فيما أفطرتاه .

وقد روي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر .

914 - حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : حدثنا ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد بن جبير ، أن ابن عباس ، قال لأم ولد له حامل أو مرضع : " أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه ، عليك أن تطعمي مكان كل يوم مسكينا ، ولا قضاء عليك " . [ ص: 421 ]

915 - حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : أخبرني ابن أبي عروبة ، عن علي بن ثابت ، عن نافع ، عن ابن عمر مثل قول ابن عباس هذا .

فهكذا هذان الحديثان من حديث ابن أبي عروبة فيما تقدم من هذا الباب حديث يزيد بن سنان ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، أنه كان له جارية ترضع فجهدت ، فقال لها : " أفطري ، فإنك بمنزلة ( الذين يطيقونه ) على إثبات الطاقة .

فهذا خلاف ما روى سعيد ، عن قتادة ، عن عزرة ، لأن سعيدا رواه على نفي الطاقة ورواه هشام على إثباتها ، وكلاهما فجائز في المعنى ، فأما من رواه كما ذكرنا عن سعيد ، فعلى قراءة من قرأ : وعلى الذين يطوقونه أي : يطوقونه ولا يطيقونه .

وأما من رواه كما ذكرناه عن هشام فعلى قراءة من قرأ : ( وعلى الذين يطيقونه ) أي : يطيقونه بمشقة وجهد والقراءتان جميعا قد رويناهما عن ابن عباس ، والله أعلم بالصحيح فيما اختلف فيه سعيد ، وهشام مما رويناه عنهما ، والأشبه بمذهب ابن عباس في هذا هو ما رواه سعيد ، لأن إبراهيم بن مرزوق .

916 - حدثنا ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وعطاء ، عن ابن عباس " ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) واحد ، ( فمن تطوع خيرا ) فزاد مسكينا آخر ( فهو خير له وأن تصوموا خير لكم ) ، لا يرخص إلا للكبير الذي لا يطيق الصوم ، أو للمريض الذي لا يعلم أنه لا يشفى " .

أفلا ترى أن ابن عباس قد أخبر في هذا الحديث أن المرخص له في الإطعام ، وترك الصيام هو الذي لا ترجى له القوة على الصيام في المستأنف .

التالي السابق


الخدمات العلمية