أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
فأما المريض الذي يعجز عن الصوم للمرض الذي قد نزل به ، فيكون كذلك حتى يموت ، فإن أبا حنيفة ، وأبا يوسف ، ومحمدا كانوا يقولون : قد مات هذا الرجل ، ولا فرض عليه في هذا الصوم ، وإنه لو كان أوصى قبل وفاته بالإطعام عن صوم ، إن كان لوجب عليه في حياته ، لم يجب أن يطعم عنه ، لأنه مات ، ولا فرض عليه ، وقد حدثنا بذلك من قولهم سليمان ، عن أبيه ، عن محمد .

وقد خولفوا في ذلك ، فقيل : الصوم قد كان واجبا عليه ، وكان معذورا في تركه ، وكان البدل منه وهو الإطعام جاريا مكانه ، فوجب عليه أن يطعمه في حياته ، ووجب أن يطعم عنه بعد وفاته من تركته ، إن كان قد كان أوصى أن يطعم عن صوم إن كان واجبا عليه يوم يتوفى .

وقد اختلف المتقدمون من أهل العلم في هذا ، فروي عنهم في ذلك ما : [ ص: 425 ]

924 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، وعكرمة ، أنهما سئلا عن رجل مرض في رمضان ، فمات قبل أن يصح ، قالا : " مات في رخصة الله - عز وجل - فليس عليه شيء " .

925 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال : أخبرنا قتادة ، عن ابن المسيب ، في رجل مرض في رمضان ، فمات قبل أن يصح ، قال : " يطعم عنه لكل يوم مسكينا " .

926 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن الحجاج ، عن إبراهيم ، قال : " إذا صح ، ثم مات يطعم عنه بقدر ما صح " .

927 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن هشام ، عن الحسن ، ومحمد ، أنهما قالا : " ليس عليه شيء " .

928 - حدثنا محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن إبراهيم في رجل " مرض رمضان حتى مات ولم يصح ، قال : ليس عليه شيء " .

ولما اختلفوا في ذلك ، ووجدنا الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام ، ولا ترجى له الطاقة عليه حتى يموت ، يطعم عن نفسه في حياته ، ونوصي بإطعام ذلك عنه بعد وفاته إيجابا ، واستحبابا على ما ذكرناه من الاختلاف في ذلك فيما تقدم في هذا الباب ، كان المريض الذي ذكرنا كذلك أيضا ، وكان ما تمادى به العجز عن الصيام حتى توفي بهذه المنزلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية