أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وفي قول عمر حتى يشهد شاهدان أنهما قد رأياه بالأمس ، ولم يقل في أول النهار ، ولا في آخره ، دليل على أنه إذا رئي في أول النهار أو رئي في آخره أن الحكم واحد غير مختلف ، غير أن عبيدة بن حميد روى حديث عمر هذا عن الأعمش ، وزاد فيه على شعبة وعلى أبي معاوية حرفا يدل على أن عمر أراد به رؤية الهلال بالأمس في آخر النهار ، وذلك .

996 - أن روح بن الفرج حدثنا ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا عبيدة بن حميد ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : كنا بخانقين ، فرأينا الهلال نهارا ، فصام بعضنا وأفطر بعضنا ، فلم يعب من صام على من أفطر ، ولا من أفطر على من صام ، فجاءنا كتاب عمر : " أما بعد فإن الأهلة بعضها أعظم من بعض ، فإذا رأيتموها فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أن لا إله إلا الله وأنهما أبصراه بالأمس عشية " .

قال : هذا الحديث على أن عمر إنما أراد الرؤية في آخر النهار من الأمس ، لا في أوله وهكذا كان سفيان الثوري يقول في الهلال : إذا رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية ، وفي حكم ما رئي فيها ، وإذا رئي بعد الزوال فهو لليلة الجائية ، وفي حكم ما رئي فيها .

حدثنا بذلك من قوله مالك بن يحيى الهمداني ، قال : حدثنا أبو النصر ، عن الأشجعي ، عن سفيان ، [ ص: 448 ] .

وقد كان أبو يوسف ، قال بهذا كما حدثنا جعفر بن أحمد ، عن بشر ، عن أبي يوسف ، فذكر عنه كذلك .

وقد روى منصور حديث عمر الذي ذكرنا ، عن أبي وائل كمثل ما رواه عبيدة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، لا كما رواه شعبة ، وأبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي وائل .

997 - حدثنا بكار ، قال : حدثنا أبو عامر ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : أتانا كتاب عمر ونحن مع عروة بن فرقد : " إذا أريتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان مسلمان أنهما رأياه بالأمس عشية " .

وكذلك ذكره إبراهيم النخعي من قول عمر مرسلا .

998 - حدثنا مالك بن يحيى ، قال : حدثنا أبو النصر ، عن الأشجعي ، عن سفيان ، عن مغيرة الضبي ، عن شباك ، عن إبراهيم ، قال : كتب عمر : " إذا رئي الهلال نهارا قبل زوال الشمس فأفطروا ، وإذا رئي بعد زوال الشمس فلا تفطروا حتى تمسوا " .

999 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، أن عمر كتب بذلك إلى عتبة بن فرقد .

وهذا كان إبراهيم ، يقول :

1000 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا جرير ، عن مطرف ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، قال : " إذا رأيتم الهلال قبل انتصاف النهار فأفطروا ، وإذا رأيتموه بعد انتصاف النهار فلا تفطروا " .

وقد روي عن ابن عمر في هذا أنه لليلة الجائية ، لا لليلة الماضية بغير تفريق منه بين ما رئي بعد الزوال وبين ما رئي قبل الزوال .

1001 - حدثنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، " أن أناسا رأوا هلال الفطر نهارا ، فأتم عبد الله صيامه إلى الليل وقال : لا ، حتى يرى من حيث يرى بالليل " .

1002 - حدثنا محمد بن عبد الحكم ، قال : حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : حدثنا يحيى [ ص: 449 ] بن حمزة ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن سالم ، أن هلال الفطر رئي نهارا فلم يفطر عبد الله بن عمر وقال : " لا حتى نرى حيث يطلع في الليل " .

1003 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن شهاب ، عن سالم ، عن عبد الله بذلك .

1004 - حدثنا نصر بن مرزوق ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرني سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي بهذا القول .

1005 - حدثنا نصر ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن المسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود بهذا القول .

ولما اختلفوا في ذلك نظرنا أن نجد فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على شيء مما اختلفوا فيه فإذا صالح بن عبد الرحمن :

1006 - قد حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا يونس ، عن أبي عمير بن أنس ، قال : أخبرني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : " أغمي علينا هلال شوال ، فأصبحنا صياما ، فجاء ركب من آخر النهار ، فشهدوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا من يومهم ، ثم يخرجوا لعيدهم من الغد " .

وإذا سليمان :

1007 - قد حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، فذكر بإسناده مثله وإذا إبراهيم :

1008 - قد حدثنا ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، وأبو الوليد الطيالسي ، قالا : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، قال : سمعت أبا عمير بن أنس ، فذكر مثله غير أنه قال : " وأمرهم إذا [ ص: 450 ] أصبحوا أن يخرجوا إلى مصلاهم " .

ولم نجد في هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كشف الشهود الذين شهدوا عنده على ذلك عن الوقت الذي رأوا فيه الهلال من اليوم الذي رأوه فيه هل كان قبل الزوال منه أو بعد الزوال ؟ فدل ذلك على استواء الحكم في رؤيتهم إياه قبل الزوال ، وفي رؤيتهم إياه بعد الزوال ، لأنه لو كان مختلفا لكشفهم عن ذلك ، ليجعل الهلال الذي رأوه ، إن كان قبل الزوال من اليوم الذي رأوه فيه لليلة الماضية ، ويأمر الناس بقضاء يوم ، لأنهم لم يصوموا من ذلك الشهر إلا ثمانية وعشرين يوما ، ويجعل الهلال الذي رأوه ، إن كانوا رأوه بعد الزوال لليلة الجائية ، ويأمر الناس بالخروج من غدهم إلى مصلاهم ، ويجعلهم قد صاموا تسعا وعشرين يوما ، وهو جميع ما كان وجب عليهم من الصيام في ذلك الشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية