أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقد وجدنا المعتكف يدخل رأسه في اعتكافه ليصلح بذلك بدنه ، ويلم به شعثه ، ولا يكره ذلك له إذ كان ليس من شأن الاعتكاف ، وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ما :

1090 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان " .

1091 - حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عمرة ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك .

1092 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرنا الليث ، أن ابن شهاب حدثه ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : " إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه ، فما أسأل عنه إلا وأنا مارة ، وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله ، وكان لا يدخل البيت إلا للحاجة " .

1093 - حدثنا الربيع ، قال : حدثنا ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة ، أن عائشة ، قالت : " كنت أرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معتكف في المسجد ، فيدخل رأسه على عتبة الحجرة فأرجله " .

1094 - حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتكفا في المسجد وأخرج إلي رأسه ، فغسلته وأنا حائض " . [ ص: 479 ] .

قال أحمد : فلما كان الترجيل الذي ليس من شأن الاعتكاف مطلقا للمعتكف في اعتكافه ، إذ كان من صلاح بدنه ، كان ما سواه مما فيه صلاح بدنه أو صلاح ماله ، مما ليس بحرام في نفسه ، ولا ممنوع بسبب الاعتكاف مطلقا للمعتكف ، أن يفعله .

وفي هذا الحديث إخراج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه لترجيل عائشة إياه له فيما ليس له الخروج ببدنه كله إليه ، فدل ذلك على أن من حظر على نفسه لا يدخل بيتا ، فأدخله رأسه أنه لا يكون بذلك في معنى من دخله .

1095 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : قال مالك : ولم أسمع أحدا يكره للمعتكف ، ولا للمعتكفة ينكحان في اعتكافهما ما لم يكن الوقاع .

قال أحمد : هذا مما لا اختلاف فيه علمناه ، وفي إطلاقهم ذلك للمعتكف دليل على أن ما سواه من الأسباب التي ذكرناها مما ليس من شأن الاعتكاف كذلك أيضا .

1096 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن ابن شهاب ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن ، " أن عائشة كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي لا تقف " .

ففي هذا الحديث سؤالها وهي معتكفة عن المريض .

وأجمعوا على أن الجماع حرام في الاعتكاف لقول الله عز وجل : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) ، فأجمعوا على أن المعتكف إذا جامع امرأته نهارا أو ليلا ذاكرا لاعتكافه أو ناسيا له أنه يخرج بذلك من اعتكافه ، لأنه فعل في الاعتكاف ما يمنعه منه الاعتكاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية