أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقد روي عن مجاهد وسعيد بن جبير في تأويل هذه الآية ما هو أبين من هذا المعنى فمن ذلك ما :

1182 - قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال حدثنا عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : كانوا يخرجون حجاجا ، لا يركبون ، ولا يتجرون ، ولا يتزودون ، فأنزل الله عز وجل : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ، و ( يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) .

فرخص لهم في الركوب والمتجر ، وأمروا بالزاد . ومن ذلك ما :

1183 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن مسلم ، عن مجاهد ، أنه قال في هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ، قال : نزلت هذه الآية في أهل منى ، أمسكوا عن الشراء والبيع ، فأنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) ومن ذلك ما :

[ ص: 38 ] 1184 - حدثنا محمد بن زكرياء ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) قال : التجارة في الموسم أحلت لهم ، كانوا لا يتبايعون في الجاهلية بعرفة ، ولا بمنى . ومن ذلك ما :

1185 - قد حدثنا محمد بن زكرياء ، قال حدثنا الفريابي ، قال حدثنا سفيان ، عن محمد بن سوقة ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان التجار يسمون الداج ، وكانوا ينزلون عن يسار مسجد منى ، وكان الحجاج ينزلون عن يمين مسجد الخيف ، وكانوا لا يحجون حتى نزلت هذه الآية : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) فحجوا .

فهذه الأشياء التي قد ذكرناها في هذا الباب ، وفي الباب الذي قبله من كتابنا هذا قد أباحها الله عز وجل في كتابه في الإحرام ، وجعلها في الإحرام على حكمها التي كانت عليه قبله ، ولم يحظرها على المحرمين في إحرامهم كما حظر عليهم ما سواها من الصيد الذي حرمه عليهم عز وجل في كتابه بقوله : ( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) .

وسنأتي بذلك وبما قيل في تأويله ، وبما روي فيه وما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية