أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
فإن قال قائل : فقد روي عن عائشة إباحة المرأة تغطية وجهها في الإحرام ، وذكر في ذلك ما :

1209 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد ، عن أم شبيب العبدية ، أن عائشة ، قالت : المحرمة تغطي وجهها إن شاءت .

قيل له : هذا عندنا على التغطية بالسدل على الوجه ، لا على التغطية بما سواه كما روي عن عائشة في غير هذا الحديث .

1210 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد ، قال حدثنا أبو عوانة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن عائشة ، قالت : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن محرمون ، إذا مر بنا ركب سدلنا الثوب على وجوهنا سدلا ، فإذا جاوز رفعناه .

والدليل على ما ذكرنا من ذلك ، أن عائشة قد كانت تكره النقاب للمحرمة ، وتنهاها عنه وروت ذلك عنها أم شبيب هذه .

[ ص: 47 ] .

1211 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن أم شبيب العبدية ، عن عائشة : أن امرأة سألتها ، ما تلبس المحرمة ؟ فقالت : الخفين ، والقفازين ، والسراويل ، ونهت عن الكحل والنقابوقد روى ذلك عن عائشة عطاء بن أبي رباح .

1212 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، قال أخبرنا حبيب المعلم ، عن عطاء ، أن عائشة كانت تكره للمحرمة أن تطوف بالبيت وهي منتقبة .

فدل ما ذكرناه على أن عائشة قد كانت تكره تغطية الوجه للمحرمة بالنقاب على مثل ما كان عليه غيرها ، وإن الذي أباحت من تغطية الوجه هو الذي رواه مجاهد عنها ، أنها كانت تفعله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسدال الثوب على وجهها عند مرور الركب بها وقد روي في ذلك عن ابن عمر ما :

1213 - حدثنا حجاج ، قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، عن محمد بن المنكدر ، قال : رأى ابن عمر امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها وهي محرمة ، فقال لها : اكشفي وجهك ، فإنما حرمة المرأة في وجهها .

فهذا ابن عمر قد كان يكره للمحرمة سدل الثوب على وجهها ، فدل ذلك أنه قد كان يكره تغطية الوجه لها كما ذكرنا أيضا ، وكان ما روي عن مجاهد ، عن عائشة في إباحة المرأة السدل على وجهها في الإحرام أولى عندنا لفعلها ذلك كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لإطلاق القياس إياه ، وذلك إنا قد رأينا الرجل المحرم مطلقا له أن يجافي الثوب عن وجهه يستر به الريح والشمس عنه من غير أن يضعه على رأسه الذي يمنعه الإحرام من وضعه عليه ، وكانت المرأة مباحا لها تغطية رأسها في الإحرام ، فكان لها وضعه على رأسها وسدله من رأسها على وجهها ، لأنها تسدله من موضع مباح لها وضعه عليه ، وهي في ذلك كالرجل الذي يواري وجهه من المواضع المباح له مواراته إياه منه .

[ ص: 48 ] وهكذا كان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد يقولونه في هذا فيما حدثنا سليمان ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف قال محمد : وهو قولنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية