أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقالت طائفة منهم : الكلب العقور هو الكلب الذي تعرفه العامة وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وقالوا : لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حظر ما أباح قتله بعدد معلوم ، وكنا لو جعلنا الكلب الذي أراده فيه كلما عقر ، من سبع ومن غيره ، دخل في ذلك العدد ما هو أكثر من الخمس التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وحظر ما أباح بها .

قالوا : وقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يعقر سوى هذه الخمس ، أنه جعل فيه الجزاء إذا قتله المحرم فمن ذلك ما روي عنه في الضبع :

1237 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال حدثنا وهب بن جرير ، وحبان بن هلال ، وشيبان بن فروخ ، وهدبة بن خالد ، قالوا : حدثنا جرير بن حازم .

وحدثنا علي بن شيبة ، قال حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قالا : حدثنا جرير بن حازم ، ثم اجتمعوا جميعا ، فقالوا قال حدثنا عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال حدثنا ابن أبي عمار ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع ، فقال : هي من الصيد وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا .

1238 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، عن منصور بن زاذان ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : قضى في الضبع إذا قتله المحرم بكبش .

قالوا : فعقلنا بذلك أنه لم يرد بالكلب العقور ما عقر من الكلاب وغيرها ، وأنه إنما أريد الكلب المعروف المراد في قوله صلى الله عليه وسلم : من اقتنى كلبا إلا كلب [ ص: 58 ] صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراط .

والمراد في قوله : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ، والمراد في أمره بقتل الكلاب ، إذ كانت الضبع أشد عقرا ، وأدنى إلى قتل الناس ، وأكل لحومهم ، وشرب دمائهم من الكلب العقور وقالوا : لو كان المراد بالكلب العقور هو الأسد ، كما في حديث أبي هريرة ، يخرج الكلب الذي يبلغ في أفعاله ببني آدم من ذلك الحديث ، فلم يدخل فيه ، لأنه إذا قصد به إلى ما هو أعلى الجناة على بني آدم لم يلحقه ما هو أدنى منه في الجناية عليهم ، وهذا عندنا كلام صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية