أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
قال أبو جعفر : وقد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حجة الوداع ، أن يرملوا في طوافهم عند قدومهم مكة في الثلاثة الأشواط الأول من الطواف الأول وروي عنه في ذلك ما :

1328 - قد حدثنا محمد بن خذيمة ، وفهد بن سليمان ، قالا : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث بن سعد ، قال : حدثني ابن الهاد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سبعا ، رمل منهن ثلاثا ومشى أربعا .

1329 - وما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله [ ص: 107 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله سواء .

فكان ذلك مما وكده فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ، وأجمع المسلمون عليه ، ولم يرخصوا لأحد في تركه إلا النساء ، فإنهم جميعا مجمعون على أنه لا رمل عليهم ، وغير عبد الله بن عباس ، فإنه قد روي عنه أن الرمل في الطواف بالبيت ليس من السنة .

1330 - كما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت ، وأن ذلك سنة ؟ قال : صدقوا وكذبوا قلت : ما صدقوا وما كذبوا ؟ قال : صدقوا ، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وكذبوا ، ليست بسنة إن قريشا قالت زمن الحديبية : دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف فلما صالحهم على أن يجيء في العام المقبل فيمكثوا ثلاثة أيام بمكة ، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمشركون على جبل قعيقعان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ارملوا ثلاثا ، وليست بسنة .

1331 - وكما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا حجاج بن نضير ، قالحدثنا قطرب بن خليفة ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت ، وأنها سنة ؟ قال : صدقوا وكذبوا ، قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت ، وليست بسنة ، ولكن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة والمشركون على قعيقعان ، وبلغه أنهم يقولون : إن به وبأصحابه هزلا فقال لأصحابه : ارملوا ، أروهم أن بكم قوة .

[ ص: 108 ] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني ، فإذا توارى عنهم مشى ولما رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثلاثة الأشواط من طوافه بالبيت في حجته لا بحضرة عدو ، ثبت بذلك أن رمله الذي كان منه قبل ذلك في الثلاثة الأشواط الأول من الطواف لعمرته بحضرة العدو ، ولم يكن ذلك للعدو ، وإنما كأنه من سنة ذلك الطواف وهكذا كان أبو حنيفة ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وسائر أهل العلم ، سوى ابن عباس ومن تابعه عليه ، يقولون في هذا .

وهذا الرمل فإنما هو على الرجال خاصة دون النساء في أول طواف يطوفه الحاج في حجته ، ويطوفه المعتمر لعمرته .

وينبغي لمن أراد الطواف بالبيت من الرجال ومن النساء أن يفتتح الطواف من الحجر الأسود ، فيستلمه إن قدر على ذلك ، أو يستقبله ، ويكبر ، ويرفع يديه كما يفعل عند افتتاح الصلاة ، ثم يمضي في طوافه ، ثم لا يمر به بعد ذلك في طوافه إلا استلمه إن قدر على ذلك ، واستقبله ، وكبر ، ورفع يديه في تكبيره ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية