أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابتداء الطواف من الحجر الأسود ما قد ذكرناه عن ابن عباس في حديث أبي الطفيل ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرمل في الحجر الأسود ، غير أنه إنما ذكر في هذا الحديث ابتداء الرمل خاصة ، لا ابتداء الطواف ، وقد يجوز أن ابتداء الرمل من هناك ، وقد كان ابتداء الطواف من غيره ، فنظرنا في ذلك فوجدنا علي بن عبد الرحمن :

1332 - قد حدثنا ، قال حدثنا عفان بن مسلم ، قال حدثنا سليم بن أخضر ، قال حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمل من الحجر إلى الحجر .

1333 - وجدنا محمد بن عمرو بن يونس ، قد حدثنا ، قال : حدثني أسباط بن محمد ، عن عبيد الله ، عن نافع ، قال : كان ابن عمر يرمل من الحجر إلى الحجر ثلاثا ، ويمشي أربعا على هيئته .

[ ص: 109 ] قال ابن عمر : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .

فكان خبر ابن عمر هذا فيه الدلالة على ما ذكرنا ، لأنه ذكر فيه ابتداء رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف وانتهاءه في كل شوط إلى حيث ابتدأه ، وليس كحديث ابن عباس الذي قال فيه : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمل من الحجر الأسود إلى الركن اليماني حيث يراه العدو ، فإذا توارى عنهم مشى " هذا يحتمل أن يكون ابتدأ الطواف بالرمل من حيث رمل ، ويحتمل أن يكون ابتدأ الطواف بالمشي من حيث مشى وقد روي عن جابر بن عبد الله في هذا ما يدل على ما روي فيه عن ابن عمر أيضا .

1334 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعا ، رمل في ثلاث منهن من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود .

فهذا ينبغي لمن أراد الطواف بالبيت أن يبتدئ الطواف به غير أنه ينبغي للطائفين به أن يكون طوافهم من وراء الحجر ، وأن لا يحتسبوا فيه بطواف إن كانوا طافوه في الحجر ، لأن الحجر من البيت ، وإنما على الناس الطواف بالبيت ، لا الطواف فيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية