أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وكان بعضهم يقول : يصليهما بأذان واحد وإقامتين كما يجمع بين الصلاتين بعرفة وهذا قول أهل مكة وأهل المدينة جميعا وقد روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما :

1430 - قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله [ ص: 153 ] في حديثه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين .

وكان بعضهم يقول : يصليهما بأذان واحد وإقامة واحدة وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، حدثنا بذلك من قولهم سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، وعن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد ، بذلك .

وقد روي في ذلك ما :

1431 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم ، عن يوسف بن ماهك ، قال : وقفت مع ابن عمر بعرفة ، فلما أتى جمعا جمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد .

ففي هذا الحديث تأذين ابن عمر للجمع بين هاتين الصلاتين وقد حضر جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في حجته هناك ، فاستحال عندنا أن يكون يزيد على ما قد كان رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ، إلا وقد ثبت عنده ما تجب له به الزيادة على ذلك إما من حديث حدثه غيره به عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالأذان فيهما ، أو بحديث حدثه غيره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أذن فيهما ، ولا يكون ذلك مأخوذا من الرأي ، ولا مستخرجا بقياس ثم تأملنا ما روي في ذلك عن عبد الله بن عمر سوى ما تقدمت روايتنا إياه عنه في هذا الباب ، هل فيه ما يدل على السبب الذي كان تأذينه في الجمع لهاتين الصلاتين ، ما هو ؟ فوجدنا أحمد بن محمد بن سلام البغدادي العطار :

1432 - قد حدثنا ، قال حدثنا بشر بن الوليد القاضي ، قال أخبرنا شريك بن عبد الله ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، أنه صلى بهم بجمع بأذان وإقامة ، صلى المغرب ، ثم قال : الصلاة ، فصلى العشاء ركعتين .

[ ص: 154 ] فقيل له في ذلك ، فقال : هكذا صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فكان في هذا الحديث إخبار عبد الله بن عمر أن تأذينه كان في الجمع بين هاتين الصلاتين اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ذلك ، وامتثالا منه لفعله كان فيه وهذا خلاف ما قد رويناه فيما تقدم منا من هذا الباب عن الثوري ، وشعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر في ذلك .

ولما اختلفوا في ذلك كما ذكرنا عنهم ، ووجدنا الصلاتين بعرفة تجمعان بأذان واحد وإقامتين ، كانت الصلاتان بمزدلفة في القياس أيضا كذلك تجمعان بأذان واحد وإقامتين كما قال أهل مكة وأهل المدينة في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية