أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وينبغي لمن وقف بعرفة بعد الزوال من يوم عرفة من الحاج أن لا يفيض منها حتى تغرب الشمس ، فإنه إن أفاض منه قبل ذلك فقد اختلف أهل العلم في حكمه ، فطائفة منهم تقول : قد فسد حجه ويروون في ذلك عن عبد الله بن الزبير ما :

1438 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا يزيد بن إبراهيم ، قال حدثنا عبد الله بن أبي مليكة ، قال : كان عبد الله بن الزبير يخطبنا فيعلمنا [ ص: 157 ] المناسك ، فيقول : أن لا كل عرفات موقف ، يرددها ثلاثا ، وإذا أفاض الإمام أفاض : أن لا ولا صلاة إلا بجمع ، يرددها ثلاثا ، حتى إذا كان من الغد صلى صلاة معجلة ، ثم وقف إلى الصلاة المصبحة : أن لا ولا يكون أحدكم قد أنفق ماله ، وأصابه الحر والبرد ، فيفيض قبل الإمام أو قبل الناس فيفسد حجه .

وطائفة منهم تقول : لا يفسد حجه بذلك ، ولكن يكون عليه دم لما نزل من الوقوف الذي قد كان وجب عليه لما دخل فيه ، أن لا يخرج منه إلا بعد انقضاء وقته هذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن حدثنا بذلك من قولهم سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد بما ذكرناه عنهم من ذلك وقد روي هذا القول أيضا عن عطاء بن أبي رباح .

1439 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : من أفاض من عرفة قبل أن تغيب الشمس فليهرق دما .

ولما اختلفوا في ذلك ، وكان الوقوف بعرفة في يوم عرفة قبل غروب الشمس أفضل من الوقوف بها في الليل ، وكان الوقوف بها في الليل يجزئ منه أقل القليل ، كان الوقوف بها بالنهار أحرى أن يجزئ منه إلا بعد خروج وقته ، فإذا خرج منه قبل ذلك كان مقصرا ، ووجب عليه ما يجب على المقصر في أشكاله في أمور الحج وهو الدم .

وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عروة بن مضرس ، أنه قال : من صلى معنا صلاتنا هذه ، وقد أتى عرفة قبل ذلك من ليل أو نهار فقد تم حجه ، وقضى تفثه فعقلنا بذلك أن من وقف بعرفة ساعة من نهار أنه ممن قد تم حجه وليس معنى تم حجه إلا شيء عليه من حجه ، غير وقوفه الذي كان ، إنما معناه فقد تم حجه أي لأنه لا يفوته بعد ذلك شيء إن تركه منه كما قد روي عنه صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، أنه قال : الحج عرفة ، فلم يكن ذلك على أن الحج [ ص: 158 ] ليس إلا عرفة خاصة ، لأن فيه ما سواها من الطواف ، ومن الوقوف بالمزدلفة ، ومن الأشياء التي لا بد منها للحاج ، ولكن كان معنى ذلك الحج عرفة ، أي أن عرفة إذا فاتت فات الحج ، وما سواها من أمور الحج مما له وقت معلوم ، أو مما الدهر له وقت بقضاء أو يجب الدم مكانه .

وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أمر عرفة كنحو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .

1440 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن الحجاج ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، أن عمر كان بالمزدلفة ، فجاءه أعرابي ، فقال : إني لم أقف بعرفة ، فقال له عمر : اذهب فقف ، فإني انتظرك ، فلما أصبح جعل يقول : أجاء الأعرابي ؟ أجاء الأعرابي ؟ فلما جاء أفاض .

وقد روي عن عبد الله بن عمر في الوقوف بعرفة مثل ذلك .

1441 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن حميد ، عن بكر ، أن ابن عمر ، قال : من وقف بعرفة قبل الصبح فقد أدرك .

التالي السابق


الخدمات العلمية