أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وينبغي للإمام أن يفيض من مزدلفة قبل طلوع الشمس ، فإن ذلك هو الوقت الذي أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه منها .

1479 - كما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا وهب بن جرير ، قال حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، وكما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال حدثنا أبو عاصم ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : كنا وقوفا مع عمر رضي الله عنه بجمع ، فقال : إن أهل الجاهلية كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ، ويقولون : أشرق ثبير ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم ، فأفاض قبل طلوع الشمس .

[ ص: 171 ] 1480 - وكما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد ، قال حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حديثه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمزدلفة المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، لم يصل بينهما شيئا ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بنداء وإقامة ، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام ، فرقى عليه ، فحمد الله عز وجل ، هلله ، وكبره ، فلم يزل واقفا - أراه قال - حتى أسفر جدا ، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس .

وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في ذلك ما :

1481 - قد حدثنا يونس ، قال حدثنا سفيان ، قال حدثنا ابن المنكدر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع ، عن جبير بن الحويرث ، قال : رأيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه واقفا على قزح وهو يقول : يا أيها الناس أصبحوا ، ثم دفع ، فلقد رأيت فخذه قد انكشف مما يحرش بعيره بمحجنه .

وقد روي في ذلك أيضا عن عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ما :

1482 - قد حدثنا عبيد بن محمد البزار ، قال حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ، قال حدثنا الحارث بن عمير ، عن أيوب ، عن نافع ، قال : أسفر ابن الزبير بالدفعة من المزدلفة ، فقال ابن عمر : ما تنتظر أفعل الجاهلية ؟ ثم تهيأ فدفع ، ودفع ابن الزبير والناس .

فإن قال قائل : فهل روي في المدة التي تجعل بين الإفاضة وبين طلوع الشمس شيء ؟

قيل له : نعم ، قد روي في ذلك ما :

[ ص: 172 ] 1483 - قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال حدثنا أسد بن موسى ؛ وما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، قالا : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : كنا وقوفا مع عمر رضي الله عنه بجمع ، فقال : إن أهل الجاهلية كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ، ويقولون : أشرق ثبير ، كيما نغير ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم ، فأفاض قبل طلوع الشمس بقدر صلاة المسفر صلاة الصبح .

فهذا هو الوقوف الذي ينبغي للإمام والناس أن ينفروا من مزدلفة فيه ، لا يتقدمونه ، ولا يتأخرونه عنه ، وهذا قول أهل العلم جميعا لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا .

التالي السابق


الخدمات العلمية