أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
[ ص: 192 ] وقد اختلف أهل العلم في الرجل يضفر رأسه أو يلبده ، فقال بعضهم : عليه الحلق ، ولا يجزئه التقصير في ذلك ، ورووا في ذلك عن عمر بن الخطاب ما :

1539 - قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال أخبرنا عبد الله بن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر بن الخطاب ، قال : من ضفر فليحلق .

1540 - وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حاج بن منهال ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر بن الخطاب ، قال : من لبد أو ضفر فعليه الحلق .

فقد اختلف أيوب ومالك على نافع في هذا الحديث فرواه أيوب على إيجاب الحلق ، ورواه مالك على الأمر بالحلق مما قد يجوز أن يكون إيجابا ، ومما قد يجوز أن يكون استحبابا وقد روي عن ابن عباس في هذا المعنى خلاف الذي قد روي عن عمر كما :

1541 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن قيس ، عن عطاء ، أن ابن عباس ، قال : إنما الحلق على نواه .

فهذا ابن عباس لم يرد أمر الحلق إلى ضفر ، ولا إلى تلبيد ، ولا إلى ما سواهما غير النية من المحرم ، فإنه رد الأمر في ذلك إليها .

وقد روي عن عبد الله بن عمر في هذا الباب أيضا خلاف الذي روي فيه عن ابن عباس مما ذكرنا .

1542 - حدثنا يونس ، قال أخبرنا عبد الله بن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن نافع ، أن عبد الله بن عمر لقي رجلا من أهله يقال له : المحبر ، قد أفاض ، ولم يحلق ، ولم يقصر ، جهل ذلك ، فأمره ابن عمر أن يرجع فيحلق أو يقصر ، ثم يرجع إلى البيت فيفيض .

قال مالك : وهذا أحب ما سمعت إلى فيه وإن هو حلق بمكة ، ولم يرجع ، أجزأ ذلك عنه ، فإن رجع إلى منى ، فحلق ، ثم أفاض ، فهو أفضل .

[ ص: 193 ] فهذا عبد الله بن عمر لم يسأل المحبر ، أكان نوى حلقا أو تقصيرا ؟ وخيره بين الحلق والتقصير ، فدل ذلك أنه لم يكن يلتفت إلى النية في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية