أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
[ ص: 109 ] وقد روي عن عبد الله بن عباس خلافهم في ذلك وإباحته للجنب التيمم وإباحته لمن لا ماء معه إتيان أهله .

ولما اختلفوا في ذلك نظرنا هل في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ما اختلفوا فيه من ذلك ؟ فوجدنا محمد بن خزيمة قد .

120 - حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، عن أبي ذر ، قال : قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - غنيمة من غنم الصدقة ، فقال لي : " يا أبا ذر ، ابد فيها وكنت تصيبني الجنابة ، فأمكث الخمس أو الست ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا لي بعس من ماء فاستترت بالراحلة فاغتسلت ، فكأني ألقيت عني جبلا ، فقال : " يا أبا ذر ، إن الصعيد الطيب وضوء ولو إلى عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك فإن ذلك خير لك " .

121 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري ، قال : حدثنا خالد ، ثم ذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : " غنم " ، ولم يقل : " من الصدقة " ، وغير أنه قال : " الصعيد الطيب وضوء المسلم .

122 - حدثنا إسماعيل بن حمدويه السكندري ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا بريك بن زريع ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، قال : سمعت أبا ذر ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك فإنه خير لك " .

123 - حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، قال : حدثنا عباد بن ميسرة المنقري ، قال : سمعت أبا رجاء العطاردي ، قال : حدثنا عمران بن حصين ، قال : " أسرى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنمنا فلم نستيقظ إلا بحر الشمس ، فاستيقظ منا ستة وقد نسيت أسماءهم ، ثم استيقظ أبو بكر - رضي الله عنه - ، فجعل يمنعهم أن يوقظوه ، ويقول : لعل الله - عز وجل - أن يكون احتبسه في حاجته ، فجعل أبو بكر يكبر حتى استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، ذهبت صلاتنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم تذهب صلاتكم ، ارتحلوا من هذا المكان ، فسار قريبا ، ثم [ ص: 110 ] نزل فصلى ، ثم قال : أما إن الله - عز وجل - قد أتم صلاتكم " فقالوا : يا رسول الله ، إن فلانا لم يصل معنا فقال : " ما منعك أن تصلي ؟ " فقال : يا رسول الله ، أصابتني جنابة فقال : " تيمم بالصعيد فصل ، فإذا قدرت على الماء فاغتسل " .

ففي هذه الآثار إباحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجنب الذي لا يجد الماء التيمم ، وإقامته في الطهارة للجنابة كهو للطهارة من الأحداث سواها ، وهذا قول مالك ، وأبي حنيفة ، والثوري ، وزفر ، وأبي يوسف ، ومحمد ، والشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية