أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقد اختلف أهل العلم في الوقت الذي يقطع فيه المحرم بالعمرة التلبية ، فقال بعضهم : إن كانت عمرته من التنعيم فإنه يقطع التلبية حين يرى البيت ، وإن كانت عمرته من بعض المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم وممن قال بذلك منهم مالك بن أنس ، حدثنا بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال أخبرنا ابن وهب ، عن مالك ، بذلك .

ولا وجه لهذا التفريق عندنا ، لأنا رأينا أفعال العمرة كلها تستوي أحكامها من حيث أحرم بالعمرة ، لا يختلف في ذلك حكم العمرة التي أحرم بها من المواقيت .

وقال بعضهم : يلبي المحرم بالعمرة من حيث أحرم بها إلى أن يستلم الحجر ، ثم يقطع التلبية لها حينئذ وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، فيما حدثنا سليمان بن شعيب ، عن أبيه ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن أبيه ، عن محمد ، بما ذكرناه عن كل واحد منهم في ذلك ، وهو قول الشافعي أيضا .

فأما ما روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فيما :

1618 - قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، قال أخبرنا قيس ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أنه كان يلبي في العمرة حتى يستلم الحجر .

1619 - وما قد حدثنا يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يقطع التلبية ، يعني في العمرة ، إذا دخل الحرم .

ولا نعلم عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرهما في ذلك شيء ، فنظرنا فيما اختلف فيه من ذلك ، فرأينا عروش مكة ، وروية البيت ، وبلوغ الحرم ، لا يقطع شيء من ذلك التلبية في الحج ، فعقلنا بذلك أن رويتها في العمرة لا تقطع التلبية أيضا ولما انتفى أن تقطع التلبية في العمرة ، ولم يكن في هذا الباب إلا القولين اللذين رويناهما عن ابن عباس ، وابن عمر فيه ، فانتفى أحدهما ، وثبت الآخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية