أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
باب .

قال أحمد : وأما قوله عز وجل : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ) ، فأجمع أهل العلم جميعا أنه ينبغي للمتمتع الذي من أهل الصيام لعدم الهدي ، أن يجعل هذه الثلاثة الأيام الذي يصومها في الحج : اليوم الذي قبل يوم التروية ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، غير أنهم لا يختلفون أيضا أنه إن صامها قبل ذلك في حرمة الحج متتابعة أو متفرقة أنه يجزئه ذلك .

واختلفوا فيه لو صام هذه الثلاثة الأيام في حرمة العمرة قبل أن يحرم بالحج ، فكان [ ص: 238 ] بعضهم يقول : يجزئه ذلك وممن قال بهذا القول منهم أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن كما قد حدثنا محمد بن العباس ، عن علي بن معبد ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة ، ولم يحك فيه خلافا بينهم .

وكان بعضهم يقول : لا يجزئه ذلك وممن قال بهذا القول منهم مالك بن أنس وقد روي هذا القول عن عائشة ، وعن عبد الله بن عمر كما :

1651 - قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال أخبرنا عبد الله بن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها كانت تقول : والصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد هديا ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة ، فمن لم يصم صام أيام منى .

1652 - وكما قد حدثنا يونس ، قال حدثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، بمثل ذلك أيضا .

ولما اختلفوا في ذلك ، ولم يخل قول الله عز وجل : ( فصيام ثلاثة أيام في الحج ) ، من أحد وجهين :

إما أن يكون على الصوم في الحج ، أو على الصوم في أشهر الحج ، فوجدناهم لا يختلفون أن من صامها في أشهر الحج قبل أن يحرم بالعمرة أنها لا يجزئه ، فعلمنا بذلك أنه عز وجل لم يرد بقوله : في الحج أشهر الحج ، وعلمنا أنه أراد ب : الحج حرمة الحج ، فثبت بذلك ما ذكرناه في هذا الباب عن عائشة وابن عمر ، وانتفى ما قال مخالفوهم فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية