أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقد روي في تأويلها وجه غير هذا وهو أن عبد الله :

129 - حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي [ ص: 113 ] عبد الرحمن السلمي ، قال : دعا رجل من الأنصار عليا ، وعبد الرحمن بن عوف ، فأصابوا من الخمر ، فقدموا عليا في صلاة المغرب فقرأ : ( قل يا أيها الكافرون ) فخلط فيها فنزلت : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) .

فهذا الحديث على السكر من الشراب ، وذلك قبل تحريم الخمر ، والنهي الذي في هذا الحديث إنما وقع على الصلاة في عينها .

وقد روي في تأويل هذه الآية أيضا ما :

130 - حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة ، عن عمر بن الخطاب ، قال : لما نزل تحريم الخمر ، قال : " اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ، فنزلت الآية التي في البقرة : ( يسألونك عن الخمر والميسر ) فدعا عمر ، فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ، فنزلت الآية التي في النساء : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) ، وكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقام الصلاة نادى : لا يقربن الصلاة سكران ، فدعا عمر فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ، فنزلت الآية التي في المائدة ، فدعا عمر فقرئت عليه ، فلما بلغ : ( فهل أنتم منتهون ) ، قال عمر - رضي الله عنه - : انتهينا " .

ففي هذا الحديث أيضا مثل ما في الحديث الذي قبله ، وأن السكر المراد في هذه الآية هو السكر من الخمر ، وأن النهي الذي فيها وقع على الصلاة في عينها ، وكان خبر عمر لاتصاله أولى مما رويناه عن الضحاك ، وفي تحريم الخمر نسخ لهذا المعنى في خبر عمر الذي رويناه .

وفي هذا ما يدل على أنه ينبغي للمصلي ألا يقرب الصلاة مع شاغل له عنها ، لتكون الصلاة إذا دخل فيها همه ، لا هم له غيرها ، ولا شاغل له عنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية