أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
تأويل قوله تعالى : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ) .

قال الله جل ثناؤه : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) إلى قوله عز وجل : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، من المتشابه المختلف في المراد به ما هو فقالت طائفة من أهل العلم : المراد به البدن المقلدة والمنفعة فيها المراد بقوله عز وجل : ( لكم فيها منافع ) عندهم ركوبها ، والشرب من ألبانها ، وإن كانت قد صارت بدنا وقد روي هذا القول في البدن عن إبراهيم النخعي كما :

1755 - حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة ، قال حدثنا أبو داود صاحب الطيالسة ، قال حدثنا ورقاء ، عن منصور ، عن إبراهيم : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، قال : إن احتاج إلى ظهرها ركب ، وإن احتاج إلى لبنها شرب ، يعني : البدن .

وقد روي هذا المذهب أيضا في البدن عن عروة بن الزبير كما :

1756 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن المنهال ، قال حدثنا حماد ، قال أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : البدنة إذا احتاج إليها سائقها ركبها ركوبا غير قادح .

1757 - كما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد ، عن قيس ، عن عطاء ، قال : البدنة إذا احتاج إليها سائقها ركبها ركوبا غير قادح .

وقالت طائفة من أهل العلم : المراد بهذا ( بهيمة الأنعام ) قبل أن توجب لله عز وجل ، وقبل أن تقلد ، وقبل أن تجعل بدنا لأهلها ، فيها المنافع التي تنتفع بها منها فإذا قلدت ، ووجبت لله عز وجل ، حرم ذلك عليهم منها إلا من ضرورة تضطرهم إلى ذلك منها .

[ ص: 305 ] والأجل المسمى المراد عندهم في هذه الآية أن تصير البهيمة لله عز وجل هديا ، فإذا صارت كذلك حرم على أهلها الانتفاع بها كما كانوا ينتفعون بها قبل زوال إملاكهم عنها وقد روي هذا المذهب أيضا عن إبراهيم النخعي ، وهو خلاف المذهب الأول الذي رويناه عنه في الفصل الأول من هذا الباب .

1758 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، قال حدثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : لا يشرب لبن البدنة ، ولا يركبها إلا أن يضطر إلى ذلك .

وقد روي عن غيره من المتقدمين في تأويل هذه الآية هذا المذهب أيضا منهم مجاهد كما :

1759 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو عامر العقدي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، قال : في ظهورها ، وألبانها ، وأصوافها ، وأوبارها حتى تصير بدنا .

1760 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو حذيفة ، قال حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، فذكر مثله .

1761 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا حبان بن هلال ، عن حماد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، فذكر مثله .

ولما اختلفوا في تأويل هذه الآية كما ذكرنا ، التمسنا حكم ذلك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف هو ؟ فوجدنا يونس بن عبد الأعلى :

1762 - قد حدثنا ، قال أخبرنا ابن وهب ، أن مالك بن أنس ، حدثه عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا [ ص: 306 ] يسوق بدنة ، فقال : اركبها فقال : يا رسول الله ، إنها بدنة قال : اركبها ويلك .

1763 - ووجدنا يونس ، قد حدثنا أيضا ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي ذؤيب ، عن عجلان ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله ، .

1764 - ووجدنا ابن أبي داود ، قد حدثنا ، قال حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، قال حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمه موسى بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله ، غير أنه قال له في الثالثة أو الرابعة : اركبها ويحك .

1765 - وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يسوق بدنة ، قال : اركبها قال : إنها بدنة قال : اركبها ، .

1766 - ووجدنا أبا بكرة ، قد حدثنا ، قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عثمان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

1767 - ووجدنا ابن أبي داود ، قد حدثنا ، قال حدثنا المقدمي ، قال حدثنا يزيد بن زريع ، قال حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا يسوق بدنة ، قال : اركبها قال : إنها بدنة قال : اركبها .

قال : فلقد رأيته يساير النبي صلى الله عليه وسلم في عنقها نعل .


[ ص: 307 ] 1768 - ووجدنا علي بن شيبة ، قد حدثنا ، قال حدثنا يزيد بن هارون ، قال أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يسوق بدنة ، قال : اركبها قال : إنها بدنة قال : اركبها .

1769 - ووجدنا عبد الله بن محمد بن حشيش البصري ، قد حدثنا ، قال حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، قال حدثنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وشعبة بن الحجاج ، قالا : حدثنا قتادة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية