أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
ولو كان هذا الزوج الذي ذكرنا لم يقذف امرأته حتى طلقها طلاقا يملك فيه رجعتها ، ثم قذفها بعد ذلك ، وخاصمته إلى القاضي قبل انقضاء عدتها ، لاعن بينهما ، لأنهما زوجان على حالهما ولو كان طلقها ثلاثا ، ثم قذفها في العدة ، أو بعد خروجها من العدة ، فإن ابن عباس وابن عمر اختلفا في ذلك ، فروي عنهما فيه ما :

1996 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، ويوسف بن يزيد ، قالا : حدثنا سعيد بن منصور ، قال أخبرنا هشيم ، قال أخبرنا هشام بن حسان ، عن حسان الأزدي ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عمر ، في رجل طلق امرأته ، ثم قذفها في العدة ، قال : إن كان طلقها ثلاثا جلد الحد ، وألحق به الولد ، ولم يلاعن ، وإن كان طلقها واحدة لاعنها .

وقال ابن عباس : إن طلقها ثلاثا ثم قذفها في العدة لاعنها .

قال جابر بن زيد : وقول ابن عمر أعجب إلينا مما قال ابن عباس .

1997 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال حدثنا هشيم ، قال حدثنا هارون ، عن عمرو بن هرم ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، مثل ذلك .

1998 - حدثنا ابن أبي داود ، قال حدثنا سليمان بن حرب ، قال حدثنا حماد بن زيد ، عن القاسم بن عمرو ، عن جابر بن زيد ، قال : كنت أسأل ابن عمر ، وابن عباس ، فآخذ بقول ابن عباس : وأدع قول ابن عمر إلا في هذا ، فإني آخذ بقول ابن عمر ، وتركت قول ابن عباس في رجل طلق امرأته ثلاثا ، ثم قذفها في العدة ، قال : يلاعنها .

وقال ابن عمر : إن طلقها واحدة أو اثنتين ثم قذفها في العدة لاعنها ، وإن طلقها ثلاثا ثم قذفها في العدة جلد .

فأما أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد فكانوا يذهبون في هذا إلى قول ابن عمر وأما الشافعي فكان يذهب في القذف بالولد إلى أنه يلاعن به ، وينتفي عنه ، ويلحق بأمه ، ويستوي في ذلك ثبوت المرأة في العدة وخروجها منها عنده ، وابن عباس فإنما قصد بجوابه [ ص: 434 ] إلى المطلقة ثلاثا التي لم تخرج من العدة .

ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فوجدنا الله عز وجل قد أوجب في قذف المحصنات اللائي ليس بزوجات لمن قذفهن ، ما ذكره في قوله عز وجل : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ) الآية .

وأوجب في قذف الزوجات ما ذكره في قوله : ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) الآية فكان ما أوجب عز وجل في قذف المحصنة غير الزوجة لقاذفها ، غير الذي أوجب للزوجة على زوجها القاذف وكان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قد زال نكاحه عنها ، وصار غير زوج لها ، فكان قذفه لها إنما هو قذف المحصنة غير زوجة لا قذف لزوجة ، فوجب أن يكون الواجب عليه في ذلك القذف هو الذي ذكره الله عز وجل في آية قذف المحصنات غير الزوجات .

التالي السابق


الخدمات العلمية