أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
وقد اختلف أهل العلم في الخلع إذا لم يذكر فيه طلاق ، فقال بعضهم : هو تطليقة على ما روينا وقال بعضهم : هو فسخ بغير طلاق وقد روي ذلك عن ابن عباس كما :

2029 - حدثنا ابن خزيمة ، قال حدثنا حجاج ، قال حدثنا أبو عوانة ، عن ليث ، عن طاوس ، أن ابن عباس جمع بين رجل وامرأته بعد تطليقتين وخلع .

وروي عن ابن عباس في غير هذا الحديث أن الله جل ثناؤه ذكره ، يعني الخلع ، بين طلاقين ، يعني بين قوله : ( الطلاق مرتان ) ، وبين قوله : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ) .

ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فوجدنا الخلع يكون بين الزوجين على ما ذكرنا ، يكون طلاقا إذا ذكر فيه الطلاق ، لأنه زوال للنكاح ، وكان النكاح لا يزول من قبل الأزواج إلا بأحد أمرين : إما بطلاق يباشرون به الزوجات ، أو بأحداث يحدثونها بأفعالهم يزول بها النكاح وكان في الأحداث التي يحدثونها ما يوقع الطلاق على زوجاتهم ، وإن لم يسم فيها طلاقا باتفاقهم كالخلية والبرية ، وكما أشبهه من الألفاظ المكنية وكانت تلك الألفاظ إنما تكون طلاقا إذا أريد بها الطلاق ، فإن لم يرد بها الطلاق بطلت ، فلم يكن لها حكم وكان الخلع إذا أريد به الطلاق كان طلاقا باتفاق ، وإذا لم يرد به الطلاق كان عاملا باتفاق ولم يسقط فطائفة تقول : هو تطليقة بائنة وطائفة تقول : هو فسخ بغير طلاق .

فلما ثبت أن الخلع عامل لا محالة ، ثبت أنه يكون مقام الطلاق المصرح على المال ، فيكون طلاقا كما يقول الذين جعلوه طلاقا ممن ذكرنا في هذا الباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية