أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
ولما نظرنا في تأويل هذه الآية وجدنا القصر في الصلاة مقصود أنه إلى حال الخوف في السفر ، لأنه قال - عز وجل - : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) وكان قصر الصلاة في الآية إنما هو في حال الخوف ، ثم وجدنا السنة قد ردت حكم حال الأمن في ذلك إلى حكم حال الخوف . وذلك أن أبا بكرة :

368 - حدثنا ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار يحدث ، عن عبد الله بن باباه ، عن يعلى بن أمية ، قال : قلت لعمر [ ص: 198 ] بن الخطاب : إنما قال الله - عز وجل - : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم ) فقد أمن الناس ، فقال : إني عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " صدقة تصدق الله - عز وجل - بها عليكم فاقبلوا صدقته " .

369 - وإن يزيد بن سنان حدثنا ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمار ، عن عبد الله بن باباه ، عن يعلى بن أمية ، قال : سألت عمر بن الخطاب ، عن قول الله - عز وجل - : ( أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ، فقال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سألتني ، فقال : " هي صدقة تصدق الله - عز وجل - بها عليكم فاقبلوها " .

370 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمار ، عن عبد الله بن باباه ، عن يعلى ، قال : قلت لعمر بن الخطاب قول الله - عز وجل - : ( أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) فقال : عجبت مما عجبت منه ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " صدقة تصدق الله - عز وجل - بها عليكم فاقبلوها " .

فبينت السنة لنا في هذا الحديث أن الله - عز وجل - قد جعل للمسافر الآمن في قصر الصلاة كالمسافر الخائف ، وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته قصر الصلاة بالناس على ما قد روينا عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام في حجته بمكة عشرا يقصر الصلاة ، وقد كان فيها آمنا لا يخاف إلا الله .

371 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، وحدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، قالا : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن وهب ، قال : " صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ركعتين ونحن أكثر ما كنا آمنه " . [ ص: 199 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية