أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
ولما كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجواب أصحابه إياه في الصلاة لم يكن قبله تسبيح ، دل ذلك على أن ذلك كان قبل أن يعلمهم التسبيح ، لأنه لا يجوز أن يعلمهم التسبيح ، ثم يخالفونه إلى الكلام ، على أنا قد نظرنا في نسخ الكلام في الصلاة هل كان بمكة كما قال هذا القائل ؟ فوجدنا في الآثار ما قد دفع ذلك ، لأن زيد بن أرقم ، قال : كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت ( وقوموا لله قانتين ) فأمرنا بالسكوت ، وزيد بن أرقم ممن لم يصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة .

وقد روي مثل ذلك عمن سواه من الأنصار ممن هو أصغر منه سنا وأحدث صحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه وهو أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - .

408 - حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني محمد بن العجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، أن رجلا " سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد عليه إشارة " .

وقال : " كنا نرد السلام في الصلاة فنهينا عن ذلك " .


وقد دل على صغر أبي سعيد وحداثته ما روي عن عائشة رضي الله عنها في ذلك .

409 - حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا المنجاب بن الحارث التميمي ، وحدثنا فهد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ، قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " وما علم أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وإنما كانا غلامين صغيرين " .

ومع أنا قد نظرنا في قوله في قدوم عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان بمكة ، فوجدنا لم يتقدمه في ذلك أحد علمناه إلا محمد بن إسحاق ، وذلك أنه ذكر في المغازي أنه بلغ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا بأرض الحبشة إسلام أهل مكة ، فأقبلوا لما بلغهم من ذلك حتى دنوا من مكة ، فإذا ما بلغهم من ذلك كان باطلا ، فلم يدخل منهم أحد مكة إلا بجوار أو [ ص: 218 ] مستخفيا ، وكان ممن قدم عليه مكة فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد معه بدرا ، فذكر جماعة ، منهم عثمان بن عفان ، وابن مسعود ، ولم تتجاوز الحكاية عن نفسه إلى رواية رواها غيره ، وهذا مما لا تقوم به عندنا ، ولا عنده حجة مع أن من هو أولى بقبول هذا ، منهم سعيد بن المسيب ، وعروة ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، قد روي عنهم في عثمان خلاف ذلك ، وأن قدومه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بالمدينة وذلك . أن يونس .

410 - حدثنا ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وسعيد بن المسيب ، وعروة ، أن الهجرة الأولى هجرة المسلمين إلى أرض الحبشة ، وأنه هاجر في تلك الهجرة : جعفر بن أبي طالب ، وامرأته أسماء بنت عميس الخثعمية ، وعثمان بن عفان برقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو سلمة بن عبد الأسد ، وامرأته أم سلمة ابنة أبي أمية ، وخالد بن سعيد بن العاص بامرأته ، وهاجر فيها رجال من قريش ذووا عدد ليس معهم نساؤهم .

فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار هجرتهم ، قال لأصحابه : " إني قد رأيت دار هجرتكم ، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين وهي المدينة " ، فهاجر إليها من كان معه بمكة ، ورجع رجال من أهل الحبشة حين سمعوا بذلك فهاجروا إلى المدينة ، منهم عثمان بن عفان بامرأته ، وأبو سلمة بن عبد الأسد بامرأته ابنة أبي أمية ، وجلس بأرض الحبشة جعفر بن أبي طالب ، وخالد بن سعيد ، وخاطب بن الحارث ، ومعمر بن عبد الله ، وعبد الله بن شهاب ، ورجال ذو عدد من المهاجرين من قريش فحالت بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية