مكارم الأخلاق ومعاليها ومحمود طرائقها

الخرائطي - محمد بن جعفر بن سهل السامري الخرائطي

صفحة جزء
617 - حدثنا العباس بن الفضل الربعي ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن الهيثم بن عدي ، عن ملحان بن عركي ، عن أبيه ، عن جده حلبس بن زياد وكان زياد قد خلف على النوار امرأة حاتم ، وكان لها من حاتم : عدي ، وعبد الله ابنا حاتم ، وسفانة بنت حاتم قال إسحاق : وزعم غير الهيثم أن عديا أمه ماوية عفزر قال الهيثم : قال ملحان : فحدثني أبي ، عن أبيه قال : قلت للنوار : " أي أمه ، حدثينا ببعض أمر حاتم قالت : كل أمر حاتم كان عجبا ، ولأخبرنكم عنه بعجب ، أصابتنا سنة اقشعرت لها الأرض ، واغبر لها أفق [ ص: 205 ] السماء ، وراحت الإبل جدباء حدابير ، وضنت المراضع على أولادها ، وجلفت السنة المال ، وأيقنا أنها الهلاك ، فوالله إني لفي ليلة صنبرة ، بعيدة ما بين الطرفين ، إذ تضاغ أصبيتنا : عبد الله ، وعدي ، وسفانة ، فقام إلى الصبيين ، وقمت إلى الصبية ، فوالله ما سكتوا إلا بعد هدأة من الليل قالت : ثم بسطنا قطيفة لنا شامية ذات خمل ، فأنمنا الأصبية عليها ، ونمت أنا وهو في حجرة ، ثم أقبل علي يعلني الحديث ، فعرفت ما يريد ، فتناومت ، وما يأتيني نوم ، فقال : ما لها ، أنامت ؟ فسكت ، فلما تهورت النجوم ، وادلهم الليل ، وسكنت الأصوات ، وهدأت الرجل إذا شيء قد رفع كسر البيت يعني مؤخره فقال : من هذا ؟ قالت : جارتك فلانة قال : ويلك ما لك ؟ قالت : الشر ، أتيتك من عند أصبية يتعاوون تعاوي الذئاب من الجوع ، فما وجدت على أحد معولا إلا عليك يا أبا عدي قال : أعجليهم قالت : فهببت إليه ، فقلت : ماذا صنعت ؟ فوالله لقد تضوغ صبيتك من الجوع ، فما أصبت من تعللهم به إلا بالنوم ، وتأتينا هذه الآن وأولادها ؟ قال : اسكتي ، فوالله لأشبعنك وإياهم وجعلت أقول : ومن أين ، فوالله ما أعرف شيئا ؟ فأقبلت المرأة تحمل اثنين ، ويمشي جانبها أربعة ، كأنها نعامة حولها رئالها ، فقام إلى فرسه جلاب ، فوجأ لبته بمديته ، فخر ، ثم قدح زنده ، ثم جمع حطبه ، ثم كشط عن جلده ، ودفع المدية إلى المرأة ، ثم قال : ابغي صبيانك ، فبغيتهم ، فاجتمعنا جميعا على اللحم ، فقال حاتم : سوءة يأكلون دون أهل الصرم قالت : فجعل يأتي بيتا بيتا ، ويقول : يا هؤلاء ، اذهبوا وعليكم النار قالت : فاجتمعوا ، والتفع بثوبه ناحية ينظر إلينا ، لا والله ما ذاق منه مزعة ، وإنه لأحوجهم إليه ، ثم أصبحنا ، وما على الأرض منه إلا عظم أو حافر ، فأنشأ حاتم يقول :


مهلا نوار أقلي اللوم والعذلا ولا تقولي لشيء فات ما فعلا



التالي السابق


الخدمات العلمية