صفحة جزء
2180 - حدثنا علي بن سعيد الرازي ، ثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي ، ثنا عمي سعيد بن خثيم ، ثنا مسلم الملائي ، عن أنس [ ص: 1776 ] ابن مالك ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبي يصطبح وأنشده :


أتيناك والعذراء تدمى لبانها وقد شغلت أم الصبي عن الطفل .

    وألقى بكفيه الشجاع استكانة
من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي .

    ولا شيء مما يأكل الناس عندنا
سوى الحنظل العامي والعلهز الفشل .

    وليس لنا إلا إليك فرارنا
وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

. [ ص: 1777 ]

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر ثم رفع يديه إلى السماء فقال : " اسقنا غيثا مغيثا مريا مريعا غدقا طبقا عاجلا غير رايث نافعا غير ضار تملأ به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها " ، فوالله ما رد يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأوراقها وجاء أهل البطاح يعجون : يا رسول الله الغرق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حوالينا ولا علينا " فانجاب السحاب عن السماء حتى أحدق بالمدينة كالإكليل ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، ثم قال : " لله أبو طالب لو كان حيا قرت عيناه ، من ينشدنا قوله ؟ " فقام علي بن أبي طالب فقال : يا رسول الله كأنك أردت قوله :


وأبيض يستسقى الغمام بوجهه     ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم     فهم عنده في نعمة وفواضل
.

كذبتم وبيت الله يبزى محمد     ولما نقاتل دونه ونناضل
.

ونسلمه حتى نصرع حوله     ونذهل عن أبنائنا والحلائل

.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أجل " فقام رجل من كنانة فقال :


لك الحمد والحمد ممن شكر     سقينا بوجه النبي المطر
.

دعا الله خالقه دعوة     أجيبت وأشخص منه البصر
.

ولم يك إلا كقلب الرداء     وأسرع حتى رأينا المطر
.

دفاق العزالي وجم البعاق     أغاث به الله عليا مضر
.

وكان كما قاله عمه     أبو طالب ذو رداء وغرر
.

ويسقي بك الله صوب الغمام     وهذا العيان لذاك الخبر
.

فمن يشكر الله يلقى المزيد     ومن يكفر الله يلق الغير

.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن يك شاعر قد أحسن فقد أحسنت " .
[ ص: 1778 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية