صفحة جزء
146 - 30 حدثنا محمد بن الحسين الطبركي ، قال : حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن [ ص: 469 ] إسحاق ، قال : يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ) الآية ، وقال تعالى : ( وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ) الآية ، فكان كما وصف نفسه تبارك وتعالى إذ ليس إلا الماء عليه العرش ، وعلى العرش ذو الجلال والعزة ، والسلطان والملك والقدرة والحلم ، والعلم والرحمة والنعمة ، الفعال لما يريد الواحد الصمد ، الذي لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، الأول لم يكن قبله شيء لخلقه الخلق ، وليس معه شيء غيره ، الآخر لبقائه بعد الخلق كما كان ليس قبله شيء ، الظاهر الباطن في علوه على خلقه ، فليس شيء فوقه ، الباطن لإحاطته بخلقه ، فليس دونه شيء ، القائم الدائم الذي لا يبيد - سبحانه وبحمده - ابتدع السماوات والأرض ، ولم تكونا بقدرته ، لم يستعن على ذلك بأحد من خلقه ، ولم يشركه في شيء من أمره بسلطانه القاهر ، وقوله النافذ الذي يقول به لما أراد أن يكون : كن فيكون ، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو يذكر عظمته وغرة من اغتر به من خلقه ممن دعا معه ، ولدا [ ص: 470 ] أو جعل معه إلها : ( بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) وكان أول ما خلق الله عز وجل النور والظلمة ، ثم ميز بينهما ، فجعل [ ص: 471 ] [ ص: 472 ] [ ص: 473 ] الظلمة ليلا أسود ، وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا ، ثم سمك السماوات السبع من دخان ، يقال - والله أعلم - من دخان الماء ، حتى استهلكن ولم يحبكن ، وقد أغطش في السماء الدنيا ليلها ، وأخرج ضحاها ، فجرى فيها الليل والنهار وليس فيها شمس ولا قمر ولا نجوم ، ثم دحا الأرض وأرساها بالجبال ، وقدر فيها الأقوات ، وبث فيها ما أراد من الخلق ، ففرغ من الأرض وما قدر فيها من أقواتها في أربعة أيام ، ثم استوى إلى [ ص: 474 ] السماء وهي دخان ، كما قال عز وجل ، فحبكن ، وجعل في السماء الدنيا شمسها وقمرها ونجومها ، وأوحى في كل سماء أمرها ، فأكمل خلقهن في يومين ، ففرغ من خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، ثم استوى في اليوم السابع فوق سماواته ، ثم قال للسماوات والأرض : ائتيا لما أردت بكما ، فاطمأنتا عليه طوعا أو كرها ، قالتا : أتينا طائعين ، ثم جعل إسرافيل العظيم الذي أكرم بقربه وجعلهم حملة عرشه كما شاء أن يخلقهم ، فطوقهم لحمله ، واصطفاهم بقربه ، فهم فوق خلقه من سماواته وأرضه ، فكان مما وصفهم به أهل الكتاب الأول صفة لم ننكرها لمعرفتنا ثقل ما عليهم من عظمته ، ولما بلغنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم من صفتهم ، فيزعم أهل الكتاب أن الله عز وجل خلقهم فجعل قرار أقدامهم على الأرض السابعة السفلى من الأرضين ، ثم خرجوا في هواء ما بين ذلك ، حتى [ ص: 475 ] خرجوا في هواء ما بين السماء والأرض ، ثم في هواء ما بين السماوات والأرض ، ثم أصعدوا فوق ذلك مما لا يعلمه إلا الله عز وجل ، وقد وصف الله عز وجل ذلك من علوه تبارك وتعالى في كتابه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بصفة صدق وحق ، فقال وهو يذكر غرة الجاهلين به ، وعظم شأنه ، وعلو مكانه : ( سأل سائل بعذاب واقع ) أي دعا داع بعذاب واقع ( للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج ) إلى قوله : ( فاصبر صبرا جميلا ) فسبحان ذي الجلال والإكرام ، لو سخر بنو آدم في مسافة ما بين الأرض إلى مكانه الذي به استقل على عرشه ، وجعل به قراره مادوا إليه خمسين ألف سنة قبل أن يقطعوه ، فليس لصفة الملائكة الذين حملوا ذلك فحملوه صفة إلا وهي أعظم مما وصفها به الواصفون ، إلا لصفة الله التي وصف بها جلاله ، فيزعم أهل التوراة من أهل الكتاب الأول أنهم أربعة أملاك : ملك في صورة رجل ، وملك في صورة ثور ، وملك في صورة أسد ، وملك في صورة نسر [ ص: 476 ] ، وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هم اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله تعالى بأربعة آخرين ، فكانوا ثمانية " ، وقد قال الله تعالى : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) [ ص: 477 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية