صفحة جزء
35 - قصة ذي القرنين ، وسعة ملكه ، وتمكين الله له من أرضه وسلطانه

954 - 1 حدثني أبي - رحمه الله تعالى - ، حدثنا أحمد بن رستم ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا حرملة بن عمران ، أخبرني عبيد الله بن أبي جعفر ، " أن ذا القرنين في بعض مسيره ، مر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم ، وإذا ثيابهم لون واحد ، ورقاعها واحدة ، وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة ، فتوسم رجلا منهم ، فقال : لقد رأيت شيئا ما رأيته في شيء من مسيري ، قال : وما هو ؟ فوصف له ما رأى منهم ، فقال : أما هذه القبور التي على أبوابنا ، فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أحدنا الدنيا ، فيخرج فيرى القبور ، فيرجع إلى نفسه ، فيقول : إلى هذا المصير ، وإليها صار من قبلي ، وأما هذه الثياب ، فإنه لا يكاد الرجل يلبس ثيابا أحسن من ثياب صاحبه ، إلا رأى فضلا على جليسه ، وأما قولك : إنكم رجال كلكم ، ليس معكم نساء فلعمري ! ، فلقد خلقنا من ذكر وأنثى ، [ ص: 1444 ] ولكن هذا القلب لا يشغل بشيء إلا اشتغل به ، فجعلنا نساءنا وذرارينا في قرية قريبة منا .

فإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها ، فكان معها الليلة والليلتين ، ثم يرجع إلى ما هاهنا ، وأنا جعلنا هذه للعبادة . قال : فما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم ، سلني ما شئت . قال : من أنت ؟ قال : أنا ذو القرنين ، قال : ما أسألك ، وأنت لا تملك شيئا ؟ قال : وكيف وقد آتاني الله - عز وجل - من كل شيء سببا ؟

قال : لا تقدر على أن تأتيني ما لم يقدر إلي ، ولا تصرف ما قدره علي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية