36 - ذكر 
جبل قاف  المحيط بالأرض  978  - 1 أخبرنا 
أبو ( . . . ) عبد الرحمن بن عبد الله الآملي ،  حدثنا 
محمد بن الفضل الطبري ،  عن 
خلف بن ميمون ،  حدثنا 
عمر بن صبح ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل بن حيان ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،   - رضي الله عنهما - في قوله - عز وجل - : ( 
ق والقرآن المجيد  ) ، قال : " أنبت الله - عز وجل - من الياقوتة جبلا ، فأحاط بالأرضين السبع ، على مثل خلق الياقوتة في حسنها وخضرتها وصفائها ، فصارت الأرضون السبع في ذلك الجبل كالأصبع في الخاتم ، وارتفع بإذن الله - عز وجل - في الجو حتى لم يبق بينه ، وبين السماء إلا ثمانون فرسخا ، وما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام للراكب المسرع ، ثم أنبت الله - عز وجل - هذه الجبال التي على وجه الأرض ، في برها وبحرها ، من ذلك الجبل ، فهي عروق ذلك الجبل متشعبة في الأرضين السبع " ، فذلك قوله تعالى : ( 
والجبال أوتادا  ) ،  
[ ص: 1485 ]  ( 
وجعلنا فيها رواسي شامخات  ) ، " فالرواسي : الثابتات الأصول إلى الأرض السابعة ، والشامخات : العاليات الفروع فوق هذه الأرض " ، قال : " ولذلك الجبل رأس كرأس الرجل ، ووجه كوجه الرجل ، وقلب على قلوب الملائكة في المعرفة لله سبحانه وتعالى ، والخشية والطاعة له " ، فذلك قوله - جل ذكره - : ( 
ق والقرآن المجيد  ) ، فـ ( 
ق  ) ، " ذلك الجبل ، وهو اسمه ، وهو أقطار السماوات والأرض " ، التي يقول الله - عز وجل - : ( 
إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض  ) ، وخلق الله - عز وجل - في عروق ذلك الجبل ، ألوان المياه التي تجري في البحور ، من البياض والخضرة ، والسواد والصفرة ، والحمرة والكدرة ، والعذب ، والمالح ، والمنتن والزعاق ، فإذا أراد الله - عز وجل - أن يزلزل قرية أوحى إلى ذلك الجبل أن يحرك منه عرق كذا وكذا ، فإذا حركه خسف الله - عز وجل - بالقرية ، فخضرة السماء من ذلك ، وخضرة ذلك الجبل من تلك الصخرة - قضى ذلك الرحمن - تبارك  
[ ص: 1486 ] وتعالى - ، فهبط 
جبريل   - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - إلى الأرض ، فلما انفرجت عنه سماء الدنيا رمى ببصره إلى الأرض ، فإذا هي ساكنة قد استقرت بالجبال بإذن الله جلت فيه عظمة الله - عز وجل - ، فوقف مكانه ، ثم أنشأ ينظر تعجبا ، فلما رأى 
جبريل   - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - جبل قاف أنكره ، لما رأى من عظم خلقه ، وحسن لونه ، فقال : إن هذا الخلق ابتدعه الرحمن - تبارك وتعالى - الليلة ، فلما أتاه أبصر خلقا عظيما عجيبا ، مع صفائه وحسن لونه ، ورأى عروقه متشعبة في الأرض ، ما بين برها وبحرها ، قد ارتفعت على وجه الأرض ، منيفة ذراها في الهواء ، فتعجب من كبرها ، واختلاف خلقها ، وتشتت ألوانها ، واستقرار الأرض عليها ، فنظر إلى " ق " وقبض عليها ، فقال : إلهي ! ، ما هذا ؟ قال : يا 
جبريل ! ،  هذا الجبل . قال : إلهي ! ، وما الجبل ؟ قال : حجر . قال : إلهي ! ، هل أنت خالق خلقا هو أشد من الحجر ؟ قال : نعم ، الحديد ويقد به الحجر ، قال : إلهي ، هل أنت خالق خلقا أشد من الحديد ؟ قال : نعم ، النار يلين بها الحديد ، قال : إلهي ! هل أنت خالق خلقا هو أشد من  
[ ص: 1487 ] النار ؟ قال : نعم ، الماء يطفئ به النار . قال : إلهي ! ، هل أنت خالق خلقا هو أشد من الماء ؟ قال : نعم ، الريح تفرقه أمواجا ، وتحبسه عن مجراه . قال : إلهي ! ، هل أنت خالق خلقا هو أشد من الريح ؟ قال : نعم ، ابن آدم يحتال لهذا كله بعضه ببعض ، فقال : فخر 
جبريل   - عليه السلام - ساجدا ، فأطال السجود والبكاء ، والثناء على الله - عز وجل - ، ثم قال : يا رب ! ، ما كنت أظن أنك تخلق خلقا هو أشد مني ، فأوحى الله - عز وجل - إليه : يا 
جبريل ! ،  ما لم تر من قدرتي ، ولم تبلغ من كنه شأني ، ولم تعلم به إلى ما قد رأيت ، وعلمت كالبحر المغلوب الذي لا تعرف نواحيه ، ولا يوصف عمقه إلى قطر الرشاء . قال 
جبريل :  كذلك أنت إلهي ! ، وأقدر وأعظم ، ثم رجع إلى السماء السابعة العليا ، متقاصرة إليه نفسه ؛ لما رأى من الخلق العظيم ، والعجب العجيب ، حتى وقف في مكان متعبده من السماء السابعة ، فذلك قوله - جل ذكره - : ( 
والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي  ) ، ( 
وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم  ) ،  
[ ص: 1488 ]  " يعني لكيلا تميد بكم ، كما كانت تفعل قبل ذلك " .